الحوتيات: ثدييات بحرية
تعد الحوتيات الثدييات المائية الوحيدة، وهي تحاكي في شكلها الأسماك، إذ تتوفر على جسم مستطيل ورأس ثابتة لا تتميز عن الجذع، ويكون الطرف النهائي من الجذع عبارة عن زعنفة ذيلية قوية وضعها أفقي، وتتوفر القائمتان الأماميتان على خمسة أصابع، وهما يتحولان إلى زعانف أو أعضاء سباحية ذات وظيفة استقرارية تكون أحيانا منعدمتان، وجسمها مغطى بجلد عار توجد تحته دهنية سميكة تحمي الحيوان وتعزله عن التقلبات الطقسية الخارجية. وتتنفس الحوتيات بواسطة رئتين كبيرتي الحجم بسبب متطلبات البيئة التي تعيش فيها، وهي تمكن بذلك من الغوص تحت الماء أقصى ما يمكن من الوقت الشيء الذي يتيحه كذلك ضعف حاجة المناطق الدماغية إلى الأوكسيجين.
ويقع في الجزء الظهري للحوتيات ثقب أو ثقبان بالمنخرين يشبهان منخري الثدييات الأخرى، وخلال الغوص يبقى المنخران محكمي الإغلاق، لأنه إذا نفذ ولو قسط قليل من الماء إلى الرئتين، فإن الحوتيات تموت غرقا كما يحدث للثدييات البرية، ويتم الإعلان عن الطفو بقذف النفس مما يثير الانتباه لدى حوتيات البحار البارزة، لأن النفس الذي يتكثف مع ملامسة الهواء البارد يثير بجاسا مائيا حقيقيا.
وقد لوحظ أن بإمكان بعض الحوتيات أن تغوص إلى عمق 1.500 متر رغم أنها تسبح عادة على مقربة من السطح حيث تجد قوتها المتمثل في العلق والأسماك الصغيرة والقشريات. وتنقسم الحوتيات إلى مجموعتين أساسيتين هما الباليات أو الأقاليات والأسنانيات.
وينتمي إلى مجموعة الباليات كل من الحوت والهركول الأزرق، وهي ذات منخرين ظهريين وشاربين داخل الفم، يقومان مقام الأسنان. والشاربان عبارة عن صفائح مقرنة مثلثة الشكل ومهدبة جانبيا وتنطلق من التجويف الحنكي. وهي بتنضيدها على شكل صفوف تشكل مصفاة فعالة يمر من خلالها الماء ولكنها تحتفظ بالعلق والأجسام المجهرية الأخرى.
والباليات هي أكبر الحيوانات في العالم إذ يتراوح طولها ما بين خمسة أمتار بالنسبة للحوت ذي منقار البط إلى ثلاثين متر بالنسبة للهركول الأزرق، كما يتراوح وزنها ما بين ثمانية وخمسة عشر طناً. وغالباً ما تهاجر الباليات الأناث التي تعيش في البحار الباردة في اتجاه المياه الأكثر اعتدالاً من أجل التناسل والولادة. فبعد مدة حمل تتراوح ما بين ثمانية وسنة عشر شهراً حسب الأنواع، تولد صغار يبلغ طولها ما بين أربعة أمتار بالنسبة لكبار الباليات، وأثناء الإرضاع، تبقى الأم ثابتة دون حراك على جنبها لتمكين الرضيع من الرضاع والتنفس في آن واحد.
ويمثل كل من الدلفين والتحس أو خنزير البحر والأركة والعنبر مجموعة الأسنانيات أو ذوات الأسنان، المتميزة بمنخرها الوحيد وفمها المزود بأسنان متساوية فيما بينها. وللدلفين جلد أخضر داكن في الظهر وأبيض عند البطن، وهو يعيش في البحار المعتدلة والدافئة ولا يتعدى مجال عيشها شمال أوروبا، وهي تهاجر خلال فصل الشتاء.
وقد تم إحصاء حوالي إثني عشر نوعاً من الدلافين التي تعيش في المياه العذبة بأكبر الأنهار، ومنها دلفين ديودي لابلانا ودلفين الغنج. وتتميز هذه الحيوانات بخطمها المستطيل الذي يقوم مقام المنقار حيث يستعمل للبحث عن القوت وإمساكه، وهي تقتات بالأساس من الرخويات والسراطين.