النباتات اللاحمة
النباتات اللاحمة : تشكل النباتات اللاحمة فصيلة خاصة من
النباتات التي تنتمي إلى مجموعات متباينة تشترك في خاصية واحدة
وهي كونها مقتاتة بالحيوانات الصغيرة وخاصة منها الحشرات . وتتوفر
جميع النباتات اللاحمة على اليخضور ، وبالتالي فهي قادرة على
التخليق الضوئي ، إلا أنها تعيش في محيط مفتقر إلى الأزوت مما يجعلها
تميل إلى التقوت بأجسام الحيوانات التي تتخذ منها علاجا وتعويضا
الخصاصها من المواد الضرورية لحياتها . وتنقسم النباتات اللاحمة إلى
ثلاث مجموعات صنفت حسب نوعية الفخ والأسلوب التي تستعمله
الاصطياد فريستها ، ويبلغ عدد أصنافها خمسمائة . وهي كالتالي :
تضم المجموعة الأولى أشكالا متوفرة على قماعات وهي أوراق بالغة
التشويه تتخذ شكل أوعية صغيرة مثل القمع أو الفنجان وتكون دائما
مزودة بوسيلة تجتذب بها الحيوان . وتكون القماعات في الغالب معطرة
أو ذات ألوان جذابة تخدع بها فريستها التي تكون عادة من الحشرات
الملتقطة للرحيق والتي تعتقد أنها إزاء زهرة حقيقية . وهناك كثير من
القماعات تنتج مواد حلوة تغري الحشرات الباحثة عن الرحيق
بالدخول إلى باطنها ، إلا أنه عند استقرار حشرة هناك لا تتمكن بعد
ذلك من الخروج ثانية لأن جدران القماعة مكسوة بزغب طويل أو
بأشواك تمكن الحشرة من الولوج ولكنها تكون حاجزا كبيرا أمامها
حينما تحاول التسلق نحو الأعلى للخروج والافلات ، ومن بين هذه
القماعات تذكر السوسنيا والدار ليغونا اللتان تتوفران على فخ من هذا
القبيل .
وعند بعض النماذج الأخرى كالنيفينتا ، يكون الجانب الخارجي
والجدران الباطنية مغطاة بمادة شمعية تجعلها ملساء كالجليد ، حيث
تنزلق الحشرة إلى داخل الفتح دون أن تستطيع الخروج منه .
وتصطاد المجموعة الثانية من النباتات اللاحمة الحشرات بواسطة آلية
يمكن تسميتها بالورق القاتل للدباب ، فنباتات هذا الصنف تتوفر على
أوراق يكون سطحها مزودا بعدد تفرز سائلا لزجا ، وهي مادة تكون
بكميات قليلة في الورقة ولكنها ذات فعالية قصوى حيث أن الحشرة
بمجرد أن تلامسها بجسمها تثير مباشرة إفراز السائل اللصوق الذي
يسيل بكميات وافرة من الغدد . وهكذا تبقى الحشرة مديقة فوق
الورقة دون أن تتمكن من التخلص منها حيث أن كل حركة منها تثير
المزيد من إفراز السائل اللزج . كما أن ملامسة الحشرة للأوراق يجعل
هذه الأخيرة تنطوي على نفسها مما يجعل الفخ أكثر تحكما في
الفريسة .
وتنتمي النبتة المعروفة بملتهمة الذباب إلى المجموعة الثالثة ، وقد رأى فيها ليني إحدى « معجزات الطبيعة » . وملتهمة الذباب نبتة صغيرة تحمل على قمة كل ورقة من أوراقها فصين مستديرين منضدين على نحو مسطح أحدهما إزاء الآخر . وهما غنيان بالغدد المفرزة لسائل مسكر جذاب وثلاث شعيرات في كل منهما ، وتمثل الشعيرات الزيادات » التي تحكم انسداد وانفتاح الأغوية أو الفخ . وبالفعل ، فحين يتم لمس إحدى الشعيرات بالصدفة بواسطة قطرة ماء مثلا فإنه لا يحدث أي شيء ، ولكن عندما يتم لمسها عدة مرات متتالية أو عند ملامسة الشعيرات الثلاث بأكملها فإن الفصين ينغلقان بسرعة دفعة واحدة ليسحقا وليحولا إلى مهروس كل ما يوجد على سطحهما ، ويتعلق الأمر في الغالب بحشرة أغرتها المادة الحلوة وانتي بحركاتها أثارت عمل الفخ . ومن المثير أن انغلاق الفصين يتم بسرعة فائقة ، إذ لا تستغرق العملية كلها أكثر من ربع ثانية .
وبغض النظر عن هذه الآلية المستعملة لاصطياد الفريسة ، فالنباتات اللاحمة مزودة في الغالب بغدد تفرز مواد حمضية تستعمل لهضم الحشرة التي يتم إيقاعها في الفخ والفتك بها إذ تحيلها إلى مادة تستوعبها خلايا النبتة . وهذه المواد الحمضية ليست دائما متوفرة وحين تتوفر فهي غير كفيلة لوحدها بإنجاز عملية الهضم ، ففي بعض الأحيان يتم انحلال جسم الفريسة بواسطة أجسام مجهرية وتكتفي النبتة باستعمال المنتوج الجاهز .