كيف تطور علم الاقتصاد

 





**تطور علم الاقتصاد**

**البدايات الأولى.** اهتم الناس بالمسائل الاقتصادية منذ القدم. وكان من بين أقدم النظم الاجتماعية - الاقتصادية (النظم التي تتضمن عوامل اجتماعية واقتصادية مشتركة) نظام العزبة - نسبة إلى عزبة. وقد هيأ ذلك النظام الحلول للمسائل المتعلقة بكيفية إنتاج السلع وتوزيعها في مجتمع

**زراعي. وتحت ذلك النظام، يقوم ملاك الأرض بتأجيرها للمستأجرين أو باستخدام العمال للعمل على الأرض مقابل أجر.**
**ومازال هذا النظام سارياً في عالم اليوم في بعض البلدان. وقد بدأ نظام العزبة منذ نهاية الإمبراطورية الرومانية، وانتشر في غرب أوروبا. وبحلول القرن الثاني عشر الميلادي، نمت المعارضة لذلك النظام، وأدى التطور**

الاقتصادي إلى نمو المدن والدول، حيث كانت لكل واحدة منها نظرتها المختلفة لمبدأ تقسيم السلطة. وقد تلاشي النظام العزبي أولاً في غرب أوروبا ولكنه بقي في بعض الأجزاء الأخرى من أوروبا حتى القرن التاسع عشر.

ولم يتم تطوير النظريات الرئيسية الأولى الخاصة باقتصاديات الأمم إلا في القرن السادس عشر الميلادي، أي بداية فترة النزعة التجارية. وقد أمن أصحاب النزعة التجارية على الحكومة أن تمارس النشاط الاقتصادي لتحويل الميزان التجاري لمصلحتها. وقال هؤلاء: إن الأمم يمكنها زيادة الكمية المعروضة من المال من خلال تصدير المزيد من المنتجات مقارنة بما تستورد. وكان هؤلاء يحذرون الاعتماد على التعرفة الجمركية المرتفعة والموانع الأخرى لتحديد الواردات وتقييدها. انظر: النزعة التجارية.

وخلال القرن الثامن عشر، هاجمت مجموعة من الكتاب الفرنسيين - تسمى الفيزيوقراطيين - النزعة التجارية. وكان هؤلاء يؤيدون التقليل من تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية. كما أنهم كانوا أول من استعمل المصطلح (دعه يعمل) بين الاقتصاديين؛ ليعني عدم تدخل الحكومة. كما أن الفيزيوقراطيين كانوا أول من بدأ الدراسة المنظمة للكيفية التي تعمل بها الأنظمة الاقتصادية.

الاقتصاديون الكلاسيكيون.

وقد بني سميث وهو أستاذ فلسفة اسكتلندي مذهبه على المبادئ والأفكار الخاصة بالفيزيوقراطيين ولكنه كان يمتلك فهماً أفضل بكثير من الأنشطة الاقتصادية. ويصف كتاب سميث (ثروة الأمم) الكثير من الأفكار التي لا يزال الاقتصاديون الحاليون يقبلونها أساساً للسوق الحر. وقد قال سميث بأن المنافسة الحرة وكذلك التجارة الحرة، كفيلتان بمساعدة الاقتصاد على النمو. كما قال بأن المهمة الرئيسية للحكومة في الحياة الاقتصادية، يجب أن تكون العمل على تأكيد المنافسة الفعالة.

عاش سميث إبان حقبة الثورتين الأمريكية والفرنسية، وتوافق تشديده على الحرية الاقتصادية مع الاعتقاد المتزايد بالحرية السياسية الذي سرى خلال تلك الفترة. وبدأ الناس يتقبلون أفكار سميث، كما جرى تطوير النظريات الجديدة عن اقتصاد السوق الحر. وقد أطلق على سميث وأتباعه مصطلح (الاقتصاديين الكلاسيكيين).

وقد كتب ثلاثة من الاقتصاديين البريطانيين الذين عاشوا في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي، بعضاً من أكثر الأعمال نفوذاً وتأثيراً في الفكر الاقتصادي؛ فقد

ريتشارد ريكاردو حججًا قوية تدعم التجارة الحرة بين الدول. أما توماس روبرت مالتوس فقد تحدى بعضًا من أفكار سميث ولكنه طور بعضها الآخر لمدى أبعد. وقد حذر مالتوس من أنه إذا تركنا العنان لأعداد السكان لتستمر في النمو، فإن الأم سوف لن تتمكن في يوم من الأيام من إنتاج ما يكفيها من طعام. وقد اقترح جون ستيوارت مل أن توزع الأرباح بصورة أكثر مساواة بين المستخدمين والعمال.

كارل ماركس والشيوعية:
عارض بعض الكتاب الفكرة التي تقول إن المنافسة تقود للنمو الاقتصادي. وكان من أكبرهم تأثيراً كارل ماركس وهو فيلسوف ألماني عاش في القرن التاسع عشر. ففي كتابه رأس المال فسر ماركس التاريخ البشري الحديث بأنه صراع بين الطبقة التي تملك الصناعة والطبقة العاملة. وأعلن أن الاقتصاد الحر سيقود إلى كساد يتزايد بشكل خطير، وفي نهاية المطاف يؤدي إلى وقوع ثورة يقوم بها العمال. وفي البيان الشيوعي، حث ماركس وصديقه فريدريك إنجلز، العمال على التمرد على أرباب أعمالهم، ويشيرًا باقتصاد تملك فيه الطبقة العاملة كل الممتلكات. وقد وفرت نظريات ماركس الأساس لبناء الشيوعية.

حلول جديدة لمشكلات قديمة:
في أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين الميلاديين، بدأ الاقتصاديون في استخدام الطرق العلمية في دراسة المشكلات الاقتصادية؛ ففي فرنسا، توصل ليون ولبراس إلى صيغة رياضية تبين كيف أن أي جزء من الأجزاء المكونة للاقتصاد لابد أن يعتمد في عمله على كل الأجزاء المتبقية. وحتى الأمريكي، ويسلي كلير ميتشيل، من جهته الاقتصاديين على استعمال الإحصاء لاختبار نظرياتهم، ودرس كذلك تعاقب فترات الازدهار والكساد.

وقد أدى الكساد الكبير في ثلاثينات القرن العشرين الميلادي إلى أن يشرع الاقتصاديون في البحث عن تفسير جديد لفترات الكساد. وهاجم الاقتصادي البريطاني، جون مايرد كينز الأفكار التي تقول إن الأسواق الحرة تقود دائماً إلى الرخاء والتوظف الكامل. ففي كتابة النظرية العامة للتوظيف والفائدة والمال، مح كينز إلى أن الحكومات بوسعها المساعدة في إنهاء الكساد وذلك بزيادة إنفاقها. فكما بدأ اقتصاديون آخرون في دراسة الطرق التي تمكن من قياس درجة النشاط الاقتصادي. فقد طور سيمون كوزنتز مع بعض اقتصاديي الولايات المتحدة الآخرين طرق قياس الناتج القومي الإجمالي والدخل القومي وغيرها من العوامل الاقتصادية.

تعليقات