لماذا استمر سوء الحال ضد السود في أمريكا بعد الحرب الأهلية

 


إعادة البناء مرحلة في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية أعقبت الحرب الأهلية التي وقعت في الفترة ما بين (١٨٦١ - ١٨٦٥م). وفي أثناء تلك المرحلة استعاد اتحاد الولايات الشمالية علاقاته بالولايات المتحالفة في

الحرب الأهلية. واستمرت مرحلة البناء للدولة الجديدة منذ ١٨٦٥م وحتى ١٨٧٧م.

واجه قادة الشمال والجنوب في تلك المرحلة مشاكل معقدة كثيرة، منها على سبيل المثال، كيف يسمح للولايات العشرة ولاية الجنوبية التي انسلخت من الاتحاد بالعودة مرة أخرى؟ وكيف يعاقب قادة التحالف؟ وما الحقوق التي يجب أن تُمنح للعبيد المحررين بعد الحرب؟ وكيف يمكن حماية تلك الحقوق؟

مشروع لنكولن. اقترح الرئيس أبراهام لنكولن، أنه إذا أقسم ١٠٪ من الناخبين في الولايات، أن يعضدوا ويؤازروا الاتحاد، فإنه يمكن تأسيس حكومة جديدة، وطُلب أن ينص الدستور الجديد على إلغاء الرق. لكن بعد أقل من أسبوع من انتهاء الحرب الأهلية وفي 9 أبريل ١٨٦٥م اغتيل الرئيس لنكولن وحل محله نائب الرئيس أندرو جونسون رئيسًا للدولة.

مشروع جونسون. أصدر جونسون عفوا عامًا عن كل البيض الجنوبيين، فيما عدا قادة التحالف الرئيسيين، وينص المشروع على أن تؤلف الولايات الجنوبية حكومات جديدة، تقوم بإلغاء الرق وتتعهد على نفسها عهدًا بالولاء للوطن، لكن لم تكن مؤهلة للعودة إلى الاتحاد. ولم تمنح القوانين الخاصة بالسود، أصبح وضع السود أكثر المشاكل صعوبة وتعقيدًا للحكومة الجديدة، فقد سنت تلك الحكومة عدة قوانين عُرفت باسم المدونة السوداء، تم بمقتضاها تمكين الجنوبيين البيض من السيطرة والتحكم في العبيد المحررين، حيث ظل ضرب الرقيق المحررين بالسياط معمولًا به، وكان على السود أن يوقعوا عقودًا للعمل بالسخرة لمدة عام، ويمكن أن يودع العاطلون منهم في السجن. بالإضافة إلى ذلك فإن السود عانوا من الهجمات العنيفة التي كان يشنها عليهم البيض الذين رفضوا أن يتعاونوا مع حكومات الدولة الجديدة.

اعتبر الكثير من الجنوبيين البيض أن المدونة الجديدة غير قانونية، فلم يوافقوا على فكرة حق الانتخاب للسود، ولا على شغلهم وظائف حكومية. وتأسست منظمة سرية للبيض تُسمى كو كلوكس كلان في تنسي. كانت مهمة كلان محاربة السود وذلك بضربهم أو حتى قتلهم، ومهاجمة كل من يتعاطف معهم من البيض.

سياسات الدولة الجديدة وبرامجها. أسست الدولة الجديدة - ولأول مرة - مدارس مدعومة ومعفاة من الضرائب في معظم ولايات الجنوب. فاتخذ السود نحوها، لكن الكثيرين من البيض رفضوا الالتحاق بها، وكان من

لذلك أصبحت تلك المدارس معزولة عنصرية، لذلك ألغيت بحكم القانون.

وقد حرمت الحكومات الجديدة التفرقة العنصرية ومنحت السود حق الانتخاب، لكن عنف البيض حرم السود من أن يجنوا ثمار أي حق من حقوقهم بصورة حقيقية، على الرغم من حماية القانون لهم عن طريق فرق مسلحة من الشمال.

واجهت حكومات الجنوب مشاكل ومصاعب اقتصادية كبرى. فالزراعة مثلاً كانت تسير ببطء بعد الحرب، وقليل من الجنوبيين من كان عنده المال الكافي لإنشاء صناعات جديدة، لذا كان من المحتم جذب رؤوس الأموال من الشمال وتشجيعها على الاستثمار في الجنوب.

وقبل أن تنجز الأهداف الكاملة لحكومات الدولة الناشئة جاءت انتخابات الرئاسة عام ١٨٧٦م بروثرفورد ب هايس على رأس الدولة، فأسرع في تنفيذ خطة لسحب فرق الحماية المسلحة من الجنوب.

آثار مرحلة إعادة البناء ونتائجها: في أثناء مرحلة إعادة البناء تحقق الآتي: أعيد توحيد الولايات وأعيد بناء الجنوب من جديد. دعمت الأنظمة التعليمية التي تأسست في الجنوب أهمية هذا الإقليم. ومع ذلك فإن الدولة الجديدة لم تنجح في حل مشاكل السود بوجه خاص ومشاكل الجنوب بوجه عام، كما أخفقت في تحقيق التجانس العنصري بين ولايات الجنوب. وفقد السود تدريجياً ما اكتسبوه من حقوق. ولم يكن السود الأمريكيون قادرين حتى على المطالبة بالمساواة بالبيض، قبل منتصف القرن التاسع عشر وقبل صدور القانون الذي وعدتهم به حكومات عصر إعادة البناء. انظر: الحرب الأهلية الأمريكية؛ المدونة السوداء؛ الحقوق المدنية.


تعليقات