ابن الأشعث، عبدالرحمن ( ؟ – 85هـ، ؟ – 704م). عبد الرحمن بن الأشعث بن قيس الكندي. أمير، ومن القادة الشجعان الدهاة. هو صاحب الوقائع مع الحجاج بن يوسف الثقفي. سيرّه الحجاج بجيش لغزو بلاد الرتبيل (ملك الترك) فيما وراء كرجستان، فغزا بعض أطرافها، وأخذ منها حصونًا وغنائم وثبّت في الحجاج بن يوسف الثقفي يخبره بذلك وأنه يرى ترك التوغل في بلاد الرتبيل إلى أن يحترز مداخلها ومخارجها. فاتهمه الحجاج بالضعف والعجز، وأمره بالمضي في الفتح، وإن لم يفعل فأخوه إسحاق بن محمد أمير الناس. فاستشار عبد الرحمن من معه، فلم يروا رأي الحجاج، لما فيه من التّعلّل، واتفقوا على نبذ طاعته، وبايعوا عبد الرحمن وخلعوا الحجاج وعبد الملك بن مروان، وزحفوا نحو العراق لإزاحة الحجاج عنه، وساروا إلى البصرة بعد أن هزموا جيشًا للحجاج، ودخلوها، وخرج الحجاج منها. ثم دخلوا الكوفة، فعاد الحجاج إلى البصرة، وكتب إلى عبد الملك يطلب المدد منه، فأرسل إليه جيشًا من الشام عليه وأخ له. وأمرهما بأن يفاوضا ابن الأشعث، ويعيداه بولاية خراسان أو أي ولاية أخرى، ويقبل إقالة الحجاج من العراق، وتسوية أهل العراق بأهل الشام في العطاء، فإذا لم يقبل أهل العراق هذا، فليجتمع أهل الشام تحت إمرة الحجاج وليحاربونهم. ولم يقبل أهل العراق ذلك ورفضوه اعتقادًا منهم أن المدد سينقطع عن أهل الشام فيغلبهم، ولم يحدث ما ظنوه، ودخل جند الشام تحت إمرة الحجاج، فحاربوا أهل العراق حربًا شديدة، وهزموهم في موقعة دير الجماجم، مع مواقع أخرى عديدة حدثت بين الطرفين. وهرب ابن الأشعث إلى سجستان مع فلول جيشه، وأمن الحجاج أهل العراق، فعاد إليه عدد كبير منهم.
قتل ابن الأشعث بمقاوم بعوث الحجاج، وكان قد عقد عهدًا مع رتبيل أن يؤيده إذا هزمه الحجاج، فلجأ إلى رتبيل عندما هزمه الحجاج، فساوم الحجاج رتبيل على تسليمه مقابل إعفائه رتبيل من الخراج الذي كان يقدمه إليه، وانتهى الأمر بأن سلم رتبيل ابن الأشعث ميتًا إلى الحجاج، ويقال إن الأشعث ألقى بنفسه من مكان مرتفع فقتل. وتفرقت فلول جيشه في خراسان، فتصدى لها يزيد بن المهلب، وقبض على زعمائها، وتصالح مع اليمانية وأرسل عددًا من القيسيين إلى الحجاج فقتلهم. وبهذا انتهت ثورة ابن الأشعث.