الأشعة الكونية الأولية
وتسمى أيضًا الأشعة الكونية المجرة. وهناك نوعان من الأوليات هما المجرة والشمسية.
الأشعة الكونية المجرة. وتأتي هذه الأشعة من خارج المجموعة الشمسية، وهي تشكل معظم الأوليات. ففي أثناء فترات خمول الشمس، يسقط فقط شعاع كوني مجري واحد على كل سنتيمتر مربع من السطح الخارجي للغلاف الجوي في الثانية.
تتكون الأشعة الكونية المجرة من نوى الذرات بنسبة 98%، والنسبة الباقية وهي 2% مكونة من إلكترونات وبوزيترونات، وهي إلكترونات تحمل شحنة موجبة. أما النوى، فمنها البروتونات (نوى الهيدروجين) بنسبة 87% تقريبًا، ومنها نوى الهيليوم بنسبة 12%، والباقي هي نوى كل العناصر الأثقل من الهيليوم.
يعتقد الفيزيائيون أن معظم الأشعة الكونية اكتسبت طاقتها العالية نتيجة لتسارعها بسبب موجات صدمية صادرة عن السوبرنوفا (فائق الاستعار) أو بسبب وجود مجالات مغناطيسية قوية حول النابضات. ويمكن أيضًا للأشعة الكونية المجرة أن تكتسب طاقة نتيجة لتصادماتها مع تصدعات متحركة في المجالات المغناطيسية الواقعة في
الفضاء البيني للنجوم. ويمكن تصوير المجال المغناطيسي على أنه مجموعة خطوط تخيلية للقوة المغناطيسية تمتد في الفراغ حيث تستطيع الجسيمات أن تتحرك بيسر على خطوط المجال مثلما تتحرك حبيبات مسبحة على خيطها. إلا أن الجسيمات تقابل صعوبة في الانتقال عبر الخطوط. وعندما يتحرك أحد خطوط المجال، تتحول بعض الطاقة الناشئة عن حركته إلى الجسيمات المتحركة عليه.
ومتى تسارعت الأشعة الكونية المجرة في مجرتنا، فإنها تظل في المتوسط لمدة عشرة ملايين سنة تنتقل عشوائيًا في المجالات المغناطيسية للمجرة، ومصيرها في النهاية إما الهروب من المجرة، أو فقدان سرعتها نتيجة لتصادمها مع مادة الفراغ البيني للنجوم.
تعمل الرياح الشمسية على منع بعض الأشعة الكونية المجرة من دخول المجموعة الشمسية، وتتكون هذه الرياح من ذرات مشحونة كهربائيًا تنطلق خارجة من الشمس إلى المجموعة الشمسية. يصاحب الرياح الشمسية مجال مغناطيسي يمنع كثيرًا من الأشعة الكونية المجرة من دخول المجموعة الشمسية. ويصدق هذا، على وجه الخصوص، في فترات النشاط المتزايد على سطح الشمس. ومن ثم، يقل تركيز الأشعة الكونية المجرة بالقرب من الأرض كلما زاد النشاط الشمسي، وهذا ما يحدث دوريًا كل إحدى
عشرة سنة فيما يسمى دورة الكلف الشمسي. انظر: كلف الشمس.
الأشعة الكونية الشمسية. وتصدر عن الشمس أثناء التوهج الشمسي. والتوهج الشمسي هو فوران على سطح الشمس له مظهر خلاب، ويحدث على وجه الخصوص أثناء فترات النشاط العالي في دورة الكلف الشمسي. وتكون طاقة الجسيمات المنطلقة في هذه التوهجات في حدود بضع مافات (Mev) إلا أن طاقة الجسيمات المنطلقة في توهجات كبيرة قد تصل إلى بضع جافات (Gev). وأكثر الأشعة الشمسية هي البروتونات، ذلك أن بعضها يتكون من النوى الثقيلة، ويتكون بعضها من الإلكترونات. انظر: فان آلن، أحزمة.
جسيمات أخرى ذرية (ذات طاقة عالية) في الفضاء. تصل طاقة بعض الجسيمات المسرعة في الغلاف المغناطيسي للأرض إلى بضع مافات. والغلاف المغناطيسي هو منطقة الفضاء التي يشغلها المجال المغناطيسي للكوكب. ولكل من كواكب المشتري وزحل وأورانوس ونبتون غلاف مغناطيسي تتسارع فيه الجسيمات لطاقة تبلغ عدة مافات، لكن معظم الجسيمات تظل أسيرة الغلاف المغناطيسي للكوكب مكونة أحزمة من الإشعاع حوله.
كذلك تحمل الموجات الصدمية من الرياح الشمسية على تسارع الجسيمات إلى بضع مافات. تتولد هذه الموجات الصدمية من التوهج الشمسي أو من التيارات السريعة في الرياح الشمسية التي تسلك سلوك العواصف والنفاثات.
الأشعة الكونية الثانوية
الأشعة الكونية الثانوية، أو الثانوية، تنتج عن تصادم الأشعة الكونية الأولية بالنوى الذرية الموجودة في الطبقات العليا من الغلاف الجوي للأرض.
ينشأ عن هذه التصادمات تفتت الأوليات وتحول جزء من طاقتها إلى جسيمات تحت ذرية. يتصادم عدد من الجسيمات الجديدة بالنوى الأخرى في الغلاف الجوي منتجة المزيد من الجسيمات. وتنتج مثل هذه التصادمات المتتالية فيضًا من الثانويات التي تحتوي على كافة أنواع الجسيمات تحت الذرية. وهذه الأشعة الكونية الثانوية توجد بدءًا من أعلى طبقات الجو، وحتى أعمق المناجم في الأرض.
يعمل الغلاف الجوي على إبطاء الثانويات، وعلى ذلك فلا يصل إلى الأرض إلا نسبة صغيرة. ففي المتوسط، يصل جسيم واحد إلى كل سنتيمتر مربع من سطح الأرض في الدقيقة. ومعظم هذه الجسيمات جسيمات تحت ذرية تسمى ميونات.
يؤثر المجال المغنطيسي للأرض على كثافة الثانويات في الغلاف الجوي. وخطوط هذا المجال منحنية من القطب المغنطيسي الشمالي إلى القطب المغنطيسي الجنوبي ولا يستطيع اختراق المجال المغنطيسي بالقرب من خط الاستواء إلا الأوليات ذات الطاقات العالية جدًا؛ وذلك لأنها تضطر هناك إلى عبور خطوط المجال. أما عند القطبين، فحتى الأوليات ذات الطاقة المنخفضة تستطيع أن تتحرك على خطوط المجال وتخترق الغلاف الجوي. وعلى ذلك، فإن كثافة الثانويات تكون أقل ما يمكن عند خط الاستواء، وتتزايد كلما اتجهنا نحو القطبين.