**إعلان الاستقلال** الوثيقة التاريخية التي أعلنت فيها المستعمرات البريطانية بأمريكا استقلالها عن التاج البريطاني. وقد تبنى مندوبو المستعمرات هذا القرار في اجتماعهم الثاني في الرابع من يوليو عام ١٧٧٦م. ومنذ ذلك الحين يجري الاحتفال بهذا التاريخ باعتباره تاريخًا لميلاد الولايات المتحدة الأمريكية.
وتعد وثيقة إعلان الاستقلال من أهم الوثائق في تاريخ البشرية، إذ إنها عبرت ببلاغة متناهية عن الأسباب التي دفعت المستعمرات إلى إعلان استقلالها عن التاج البريطاني. وقد اعتبرت الوثيقة الحكومة البريطانية مسؤولة عن مفاسد كثيرة، كما أنها أوضحت أن لكل الناس حقوقًا معينة، بما فيها حقهم في أن يغيروا أو يطيحوا بأية حكومة تسلبهم حقوقهم. ويشتمل الإعلان على فقرتين شهيرتين جاء فيهما:
«نحن نعتبر هذه الحقائق بديهية: إن الناس جميعًا خلقوا متساوين، وإن خالقهم وهبهم حقوقًا لا يجوز الافتئات عليها، وإن من هذه الحقوق حق الحياة، والحرية، والسعي وراء السعادة».
«وإنه لتأمينًا لهذه الحقوق، فقد أنشأت الحكومات - مستمدة سلطاتها العادلة من موافقة المحكومين».
ومنذ ذلك الحين، أخذت الأفكار التي حواها الإعلان تؤثر في معظم الشعوب الحية المحبة للحرية في جميع أرجاء العالم.
**الأحداث التي أدت إلى الإعلان.** بدأ الخلاف يدب بين المستعمرات البريطانية بأمريكا وبريطانيا قبل إجازة الإعلان بأكثر من عشر سنوات. فقد احتج سكان المستعمرات ضد نظام الضرائب بدون شكوى، غير أنهم وجدوا أن الحكومة البريطانية ليست على استعداد لأن ترخي قبضتها على المستعمرات.
وفي عام ١٧٧٤م، اجتمع مندوبون من جميع المستعمرات - ماعدا مستعمرة جورجيا - بفيلادلفيا وعقدوا المؤتمر القاري الأول. ولتعزيز مطالبهم بقدر أكبر من الحكم الذاتي، اتفق المندوبون على أن تمتنع المستعمرات عن التعامل التجاري مع بريطانيا، فلا يبيعون لها ولا يشترون منها.
ولكن بريطانيا تمسكت بسياستها، فكانت الدعوة للمؤتمر القاري الثاني. واجتمع مندوبو المستعمرات بمنى المجلس التشريعي في فيلادلفيا (وتعرف حاليًا بقاعة الاستقلال) في ١٠ مايو عام ١٧٧٥م. وكانت الحرب
الثورية في أمريكا وقد بدأت بمعارك بين سكان مستعمرة ماساتشوستس والقوات البريطانية.
في عام ١٧٧٦م، تسارع إيقاع الحركة الداعية للاستقلال. فقد ألهب الكاتب الإنجليزي المولد توماس بين في كتابه الشهير الفطرة السليمة، إذ قدم فيه حججًا دامغة تدعم مطالبة المستعمرات البريطانية بحريتها. كما أن أعدادًا متزايدة من الأمريكيين أخذت تتفق مع صموئيل آدامز، الوطني الغيور الذي تساءل قائلًا: «أليست أمريكا مستقلة سلفًا؟ فلماذا إذن لا نعلن هذا الاستقلال؟».
في ٧ يونيو ١٧٧٦م، تقدم ريتشارد هنري لي، من فرجينيا، بمشروع قرار إلى الكونغرس جاء فيه «إن هذه المستعمرات المتحدة ولايات حرة مستقلة، ويتبين أن تكون كذلك؛ وفي ١٠ يونيو، أجرى الكونغرس تصويتًا لصياغة مسودة إعلان الاستقلال ليتدارسه مندوبو المستعمرات وليبتوا في مشروع القرار الذي قدمه لي. وطُلب الكُونغرس إلى توماس جيفرسون أن يصوغ مسودة الإعلان.
وفي ٢ يوليو، وافق الكونغرس على مشروع لي. وفي ٤ يوليو، أجاز الكونغرس المسودة النهائية لإعلان الاستقلال.
وطُبع الإعلان الذي وقع عليه جون هانكوك، بوصفه رئيسًا للكونغرس، وقُرئَ على مسامع حشد كبير في فناء المجلس التشريعي في ٨ يوليو. وفي ٢ أغسطس، وقع أعضاء الكونغرس على المخطوطة الورقية كانت صورة من الإعلان.
**أهمية الإعلان.** تكمن أهمية الإعلان في أنه عبر على نحو رائع عن أفكار الوطنيين، وأظهر ما كان يختمر في أذهان مختلف فلاسفة ذلك الزمان من أفكار عن العدالة الاجتماعية والسياسية. ومن هؤلاء الفيلسوف الإنجليزي جون لوك. كذلك فإن الإعلان بما كان يتضمنه من بلاغة لغوية مست شفاف قلوب الأمريكيين، واستطاع أن يحفز الناس في أوروبا لكي يجعلوا من حكوماتهم أكثر ديمقراطية. وعلى مر السنين، استفادت الكثير من الشعوب الحديثة الناشئة من اللغة المعبرة التي صيغ بها الإعلان في الإفصاح عن أسباب مطالبتها بالاستقلال عن الهيمنة الأجنبية.
وتوجد مخطوطة الإعلان الورقية الأصلية بدار السجلات القومية في واشنطن دي. سي. وهي معروضة مع وثيقتين تاريخيتين أخريين، هما دستور الولايات المتحدة ووثيقة الحقوق.