النتائج المتمخضة عن وضع الأقليات
تدرك الأقليات انتماءها لمجموعات هامشية، الأمر الذي يؤثر في سلوكها تجاه الآخرين. ويغمر هذه المجموعات شعور مشترك بالعزلة والآلام المشتركة كما توثق سماتها الثقافية والجسمية المشتركة من وشائج العلاقات بينها. ويمكن القول في هذا السياق إن شعور الأقليات بالانتماء إلى جذورها قد يتواصل حتى بعد التحامها في النسيج الاجتماعي للأغلبية. يعد الأشخاص المنحدرون من أصل أرمني، مثالاً حياً لعدم الذوبان في الكيانات الاجتماعية الكبرى. فبالرغم من انقطاع هؤلاء الأشخاص عن ممارسة طقوسهم الدينية، إلا أنهم يزدادون تشبثاً بالانتماء لطائفتهم الأرمنية.
تتخذ استجابة الأقليات للهيمنة على مقدراتها أشكالاً مختلفة، حيث يتخلى البعض عن موروثاته ويتبنى ثقافة الأغلبية بسبيل ودون مقاومة. ويسعى الآخرون للانفصال وإقامة دولة خاصة بهم. وقد عبرت محاولات بعض المجموعات الصغيرة من الأمريكيين السود، من خلال النزوح إلى إفريقيا في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الميلاديين عن ردود فعلها إزاء سيطرة الأغلبية البيضاء. وتستخدم بعض الأقليات أساليب مختلفة تتصدى من خلالها مختلف ضروب الهيمنة. ومن أهم هذه الأساليب المقاومة في الحاكم ضد قوانين التفرقة والعزل، وعدم الامتثال لهذه القوانين، واستخدام كافة أشكال العنف في مواجهتها.
تضم معظم الدول أقليات عرقية. ولا تشكل الدول الأوروبية استثناء في هذا المجال، حيث عاش عدد كبير من الأقليات الوطنية داخل حدودها. فقد كانت هنالك أقليات ألمانية قبل الحرب العالمية الثانية يطلق عليها إقليم السوديت في دولة تشيكوسلوفاكيا (سابقاً). وتعيش أقليات دينية أيضاً داخل هذه الدول، حيث تشكل طائفة الكاثوليك الرومان أقلية في شمالي أيرلندا، وكذلك المسلمون في البوسنة والهرسك. ويوجد في فرنسا ودول جنوب أوروبا عدد من الأقليات العرقية. ففي فرنسا يعيش حوالي مليون ونصف المليون من الأقليات المغاربية، كما يعيش حوالي ثلاثة ملايين مهاجر تركي في ألمانيا. وتمثل الأقليات الهندية والباكستانية حوالي 3% من عدد السكان في المملكة المتحدة (1.56 مليون نسمة) حسب إحصاءات عام 1991م. وتوجد أقلية مسلمة في الولايات المتحدة، معظمها في كاليفورنيا، ويبلغ حجم هذه الأقلية حوالي ثلاثة ملايين نسمة.
في جنوب إفريقيا، كانت الأغلبية البيضاء التي يبلغ عددها خمس السكان، تمارس التفرقة العنصرية ضد السود والملونين. كانت قوانين الفصل العنصري تستند إلى ما يطلق عليه أيديولوجية الأبارتيد، التي تضفي على هذه السياسة صبغة رسمية تميز البيض عن الملونين في مجالات السياسة والتعليم ومختلف جوانب الحياة. انظر: التفرقة العنصرية في جنوب إفريقيا. وتعيش في الاتحاد السوفيتي (سابقاً)، أربع عشرة مجموعة رئيسية، وكذلك تقسم حدوده أقليات وطنية متعددة. وقد قامت الدول أثناء الحرب العالمية الثانية (1939-1945م)، بطرد عدد من المجموعات العرقية عن أوطانهم، شملت ألمان الذين كانوا يقطنون قرب شواطئ نهر الفولغا، وتتار القرم، والكالموك بحجة عدم ولائهم للدولة. وقد عانى المسلمون من التمييز بحكم القيصري والحكم السوفييتي، كما يعاني اليوم
يبدو أن الصورة التي أرفقتها فارغة تمامًا أو أنها سوداء بالكامل. لا يوجد أي نص ظاهر فيها لأستخرجه. يرجى التأكد من أن الصورة تحتوي على نص قبل طلب استخراجه.