ما الإضراب العام والسياسي

 


الإضراب توقف مجموعة من الموظفين أو العمال عن أداء عملهم. ويمكن أن يشترك في الإضراب جميع أو يعتبر العاملين بأي شركة، ويتخذ العمال الإضراب عادةً وسيلة للمساومة في الحصول على مطالبهم سواء كانت رفع مرتباتهم أو تحسين شروط عملهم، أو أي منافع أخرى لهم.

وتشير كلمة الإضراب أيضًا إلى توقف عمليات التشغيل أو النشاطات اليومية العادية كشكل من أشكال الاحتجاج. ويقدم الناس على هذا النوع من الإضراب احتجاجًا على سياسات حكومية، إما لانتهاكها حقوقهم المدنية، وإما لمعاناتهم على أسس التفرقة العنصرية. يلجأ العمال في بعض الدول إلى الإضراب للمطالبة بالإصلاحات السياسية، كما يلجأ بعض نزلاء السجون إلى الإضراب عن الطعام حتى يأخذ المسؤولون شكواهم بعين الاعتبار.

وتتمثل معظم أسباب النزاعات بين العمال وأرباب العمل حول الأجور وساعات العمل. وقد يحدث الإضراب بسبب قضية معينة، كاقتراح رب العمل نمطًا جديدًا للعمل يعارضه العمال. وإذا فشلت المفاوضات بين ممثلي العمال ورب العمل في الاتفاق حول عقد التوظيف الجديد، يلجأ العمال إلى الإضراب.

والإضراب المؤثر هو الذي يتوقف نشاط صاحب العمل بدرجة يصبح معها من الصعب الحفاظ على مستوى الإنتاج المعتاد، بعد خفض كمية السلع المنتجة أو عدد الخدمات المقدمة للمستهلكين، الأمر الذي يؤدي إلى خفض أرباح صاحب العمل مما يفرض عليه قبول تسوية النزاع وديًا.

الإضرابات السياسية. يرتبط هذا النوع من الإضراب بأفعال صدرت من صاحب العمل، وإنما يكون عادةً للاعتراض ضد عمل أو سياسة تتخذها الحكومة. فعلى سبيل المثال، لجأت نقابات السود في جنوب إفريقيا إلى التوقف عن العمل للتعبير عن احتجاجها ضد سياسات الدولة وتجاوزات الشرطة.

الإضرابات الرسمية وغير الرسمية. بعد الإضراب في بعض البلدان إضرابًا رسميًا عندما يلتقي الدعم والموافقة من نقابة العمال المعنية، وكذلك من أكثرية أعضاء النقابة في مقر العمل. أما الإضراب الذي يقوم به العمال دون موافقة النقابة فيعد إضرابًا غير رسمي بل وغير مشروع. ويسعى رفض العمال قبول القيام بالعمل في الوقت الإضافي وتغيبهم في أداء عملهم اليومي إضرابًا جزئيًا. أما الاعتصام فيحدث عندما يتوقف العمال عن إنجاز العمل دون أن يتركوا مكاتبهم أو مصانعهم، وتعتبر الاعتصامات في بعض البلدان غير شرعية ويقدم القائمون بها إلى القضاء.

الإضراب العام. أكثر أشكال الإضراب جدية، وهذا الإضراب يضم العمال في منطقة واسعة، وقد يشمل البلد كله. وقد يشمل العمال الذين يعملون في نشاطات مختلفة وفي مصانع متعددة. انظر: الإضراب العام.

الإضراب والقانون. بعد الإضراب عملًا شرعيًا في بعض البلدان بشرط أن يبلغ العمال صاحب العمل عن نيتهم في القيام به. أما في المملكة المتحدة وفي بعض البلدان الأخرى فالإضراب غير مسموح به لأفراد القوات المسلحة أو لرجال الشرطة.

الإضرابات حول العالم. تشمل البلدان التي تخسر نسبة عالية من أيام العمل بسبب الإضرابات: اليونان، وأسبانيا، وإيطاليا، بينما لا يكاد يحدث أي إضراب في بعض البلدان كسويسرا والنرويج. وكان عدد الإضرابات في سبعينيات القرن العشرين أكثر منه في أي وقت منذ عام 1945 حيث كان المعدل السنوي لأيام العمل الضائعة بسبب الإضرابات 10 ملايين يوم.

ويختلف عدد الإضرابات بين بلد وآخر بصورة كبيرة، ففي عام 1987 بلغ عدد الإضرابات في أستراليا 1517 إضرابًا، وشملت 608800 موظف. وكانت مناجم الفحم الأكثر تأثرًا بهذه الإضرابات. وفي عام 1989 بلغ عدد الإضرابات في جنوب إفريقيا 1055 إضرابًا، شملت 177712 عاملًا، وكانت المعامل في مجال النشاط الصناعي هي الأكثر تأثرًا بهذه الإضرابات. وفي السنوات الأخيرة، قيدت الحكومة الهندية حرية العمال بشأن ممارسة حق الإضراب، فكان عدد كبير من الإضرابات يحمل الطابع غير الرسمي.

عن أداء أعمالهم بصورة جماعية، وهو أكثر أنواع الإضراب جدية، وقد يشمل البلد كله أو أجزاء كبيرة منه. وهو من الأسلحة الضاغطة التي تلجأ إليها الطبقة العاملة لرفع مستوى الأجور أو خفض ساعات العمل أو تحسين ظروفه، وقد يستخدم هذا النوع من الإضراب لأغراض سياسية لا علاقة لها بأوضاع العاملين.

ومن أشهر الإضرابات العامة الإضراب الذي نظمته معظم نقابات العمال في بريطانيا عام 1926، تضامنًا مع نقابة عمال المناجم. ففي عام 1925، اقترح ملاك المناجم تخفيض الرواتب، ورفض العمال الاقتراح، فشكل رئيس وزراء بريطانيا، ستانلي بالدوين، لجنة برئاسة السير هربرت صموئيل لتقصي الأوضاع في النشاط الصناعي. وأيدت اللجنة مشروع تخفيض الأجور.

بعد تقديم اللجنة لتقريرها، نظم عمال المناجم إضرابهم ودعا اتحاد نقابات العمال (تي. يو. سي.) إلى إضراب جزئي تعاطفًا مع عمال المناجم. فأضرب عمال المواصلات، والصناعات الثقيلة، وصناعة الوقود، من ٣ مايو إلى ١٢ مايو. ثم دعا اتحاد نقابات العمال (تي. يو. سي.) إلى وقف الإضراب دون الحصول على أي تنازلات من ملاك المناجم. واستمر عمال المناجم في إضرابهم لمدة ستة شهور قبل أن يحل الخلاف.

تعليقات