من أين جاء شعب الأزتك وكيف كانت حضارتهم

 

الأزتك شعب هندي أمريكي حكم إمبراطورية ضخمة في المكسيك، خلال القرن الخامس عشر وأوائل القرن السادس عشر الميلاديين. كان للأزتك إحدى أشهر الحضارات المتقدمة في الأمريكتين. وبنوا مدينة كبيرة تدعى أية مدينة في أوروبا وقتذاك. واعتنقوا ديانة وثنية تركز أغلبها على جوانب حياتهم. وبنى الأزتك معابد ضخمة لعبادة آلهتهم، كما أنهم عملوا منحوتات كبيرة، والتزموا بطقوس تميزت بتقديم القرابين البشرية. ودمر الأسبان إمبراطورية الأزتك عندما غزوها سنة ١٥٢١م. لكن أثر الأزتك على الثقافة المكسيكية ترك بصمات دائمة وثابتة.

يستخدم اسم الأزتك أحياناً للإشارة إلى الشعب الذي أسس مدينة تينوختيتلان في أواسط القرن الرابع عشر الميلادي. وكانت هذه المدينة تقوم في موقع مدينة مكسيكو سيتي الحالية. وكان سكانها يسمون أنفسهم بأسماء مختلفة منها: كول هوا - مكسيكا، ومكسيكا تينوتشكا.

وفي القرن الخامس عشر الميلادي أخضعت مدينة تينوختيتلان وحلفاؤها عدداً كبيراً من التجمعات البشرية الأخرى في وسط المكسيك وجنوبها، مشكلة بذلك إمبراطورية الأزتك، التي أصبحت تينوختيتلان عاصمتها. واستخدم اسم الأزتك أيضاً للدلالة على هذه التجمعات الكبرى من الهنود الذين شكلوا هذه الإمبراطورية.

**إمبراطورية الأزتك**

كان مركز حضارة الأزتك في وادي المكسيك، وهو حوض واسع بيضي الشكل يقع على ارتفاع نحو ٢,٣٠٠ متر فوق سطح البحر. وهذا الارتفاع الشاهق جعل مناخه لطيفاً، في حين كان مناخ الأراضي المنخفضة المحيطة به أكثر حرارة ورطوبة.

اشتملت إمبراطورية الأزتك على عدد كبير من المدن والحواضر، وبخاصة تلك الواقعة في وادي المكسيك. وكانت أكثر مدن هذه الإمبراطورية العاصمة تينوختيتلان، التي تقوم على جزيرة في بحيرة تكسكوكو، وتربطها بالقارة قنوات وجسور. تُقدّر مساحة المدينة بنحو ١٥ كم٢. وفوق إحدى الجزر الواقعة إلى الشمال من مدينة تينوختيتلان

انْتَصَبَت مدينة تلاتيلولكو التي كانت توأماً لها. وكلتا المدينتين تقعان داخل حدود مدينة مكسيكو سيتي الآن، وقد كانت مدينة مكسيكو سيتي تغطي معظم بحيرة تكسكوكو التي جَفَّتْ خلال القرن السابع عشر. وفي سنة ١٤٧٣م أخضع سكان تينوختيتلان مدينة تلاتيلولكو ووحدوا المدينتين. وعندما وصل الأسبان في القرن السادس عشر، لم يكن في أسبانيا مدينة يبلغ عدد سكانها عدد سكان مدينة تينوختيتلان الذي ربما بلغ أكثر من مائة ألف نسمة.

كان لإمبراطور الأزتك لقب هويه تلاتواني (المتحدث الكبير). وكان يقوم بانتخابه من بين أفراد الأسرة المالكة، مجلس مؤلف من نبلاء ذوي مقامات رفيعة. كان الإمبراطور يتمتع بسلطة كبيرة، ولكن كان عليه أن يستشير مجلس النبلاء قبل أن يتخذ القرارات المهمة. وكانت تُمركز، في المواقع الرئيسية في أرجاء الإمبراطورية المختلفة وحدات عسكرية للمحافظة على الأمن. ويقود هذه الوحدات أحد كبار النبلاء، الذي يضطلع، في الوقت نفسه، بدور حاكم الإقليم. ويدير شؤون الإمبراطورية جهاز محكم من الدوائر الحكومية. وكان عدد كبير من المراكز العليا وراثياً. لكن خدمة الإمبراطورية كانت السبيل الرئيسي للحصول على منصب عال.

تألف مجتمع الأزتك من أربع طبقات رئيسية هي: ١- طبقة النبلاء. ٢- طبقة العامة. ٣- طبقة الأرقاء. ٤- طبقة العبيد. وعلى الرغم من هذا التقسيم الطبقي فقد ارتبطت عائلات من طبقة النبلاء بعائلات من طبقة العامة برباط صلة قربى وثيقة، وانتسبت هذه العائلات كلها إلى مجموعات الكاللولي. وامتلك أفراد المجموعة مساحة من الأرض ملكاً مشتركاً، وكان يُسمح لكل عائلة أن تزرع قطعة كبيرة من الأرض تكفي لسد حاجاتها. وبالإضافة إلى أرض الكاللولي كان معظم النبلاء يمتلكون أراضي خاصة بهم أو أراضي كانوا قد حصلوا عليها من الحكومة لاستخدامها خلال شغلهم لمناصبهم الحكومية. وشكل العامة غالبية السكان، وعاش عدد كبير منهم على زراعة أراضي الكاللولي. وعمل الأتباع في الأراضي التي يملكها النبلاء، وكانوا يستثمرون فيها وإن انتقلت ملكيتها إلى نبيل جديد. وكان العبيد يمتلكون ملكية خاصة، لكن أولادهم كانوا يولدون أحراراً. وكان عدد كبير من العبيد أسرى حرب وعدد آخر اشتراه الأثرياء. وكان العبيد أحياناً يعجزون عن دفع ديونهم.

**أنماط المعيشة**

**الدين**. كان للدين أهمية فائقة في حياة الأزتك وكثير من الناس معظم أوقاتهم للعبادة، حتى أنهم كانوا يشنون الحروب، بصورة رئيسية بغية الحصول على أسرى يقدمون قرابين لآلهتهم.

عبد الأزتك مئات من الآلهة، وكانوا يزعمون بأن لكل واحد منها سيطرة على حركة أو أكثر من الحركات الكونية، أو على مظهر أو أكثر من مظاهر الطبيعة. ولما كان اقتصاد الأزتك يعتمد على الزراعة كان لشعبهم عدد كبير من الآلهة الزراعية، منها سنتيوتل للذرة، وتلالوك للمطر والطقس، وزيب توتك للربيع وإحياء الأرض.

كان للأزتك الكثير من الطقوس الدينية، ويُقام أكثرها أهمية أيام الزراعة والحصاد، ومناسبات أخرى خلال السنة الزراعية. وكان العديد من هذه الطقوس الدينية يهدف إلى ضمان محاصيل وفيرة حسبما كانوا يعتقدونه من عطف آلهتهم.

أدت القرابين البشرية دوراً أساسياً في معظم الطقوس الدينية، وكان الكهنة يشقون صدر الضحية الحية وينتزعون منها القلب، إذ كانوا يعتقدون أن الآلهة تحتاج إلى قلوب ودماء بشرية كي تبقى قوية. وكان المعبدون يأكلون أحياناً أجزاء من جسد الضحية. وربما كانوا يعتقدون أيضاً أن قوة الشخص الميت وشجاعته تنتقل إلى كل من يأكل

لحمه. وكان معظم الضحايا من أسرى الحروب أو العبيد، ولكن الأزتك كانوا يضحون بأولادهم لآلهتهم تلالوك.

كان التقويم الديني عند الأزتك يتألف من ٢٦٠ يوماً. وقد استخدم الكهنة التقويم لتحديد أيام السعد للقيام ببعض الأعمال، مثل بدء الحاصل وبناء البيوت والحروب. كما كان لهم تقويم شمسي يتألف من ٣٦٥ يوماً. وكان التقويم الأخير يتألف من ١٨ شهراً، وكل شهر يتألف من ٢٠ يوماً، علاوة على خمسة أيام إضافية.

كان الأزتك يقيمون احتفالاً كبيراً كل ٥٢ سنة، إذ يربط السنوات أو مهرجان النار الجديد. وقبل بداية الاحتفال يطفئ الناس مواقد نيرانهم، ليشعل الكهنة ناراً جديدة فوق صدر أحد القرابين عند فجر دورة الـ ٥٢ سنة الجديدة. وكان الناس يؤمنون بوجوب الفوز بعطف آلهتهم من إحراق القرابين. ومن ثم يشعلون من هذه النار الجديدة، نيران مواقدهم ثانية، ثم يحتفلون.

**الحياة والأسرة**. تألفت الأسرة النموذجية عند الأزتك من الزوج والزوجة والأولاد غير المتزوجين، ومن عدد من أقرباء الزوج. وكان أفراد هذه الأسرة الكبيرة، بما في ذلك الأحفاد، يتعاونون في العمل. وكانت المسؤولية الرئيسية للزوج إعالة الأسرة بالعمل عادة في الزراعة وحرفة من الحرف. أما واجبات الزوجة فقد شملت حياكة ثياب أفراد الأسرة وطهي الطعام لهم. وكان الأولاد يتعلمون على أيدي آبائهم حتى سن العاشرة تقريباً. ومن ثم يلتحقون بمدرسة يديرها الكاللولي، أو بمدرسة ترتبط بالمعبد إذا كانوا من أولاد النبلاء. كانت مدارس الكاللولي تقدم تعليماً عاماً وتدريباً عسكرياً ليصبحوا كهنة أو قادة. ويذهب إلى مدارس المعبد بعض الفتيات، ولكن معظمهن كن يتعلمن الأعمال المنزلية في البيت. كان الأزتك يتزوجون في سن مبكرة، فالنساء يتزوجن في نحو السادسة عشرة والرجال يتزوجون في نحو العشرين.

**الطعام**. وفر الصيد قدراً كبيراً من اللحم في وجبات الطعام عند الأزتك. وقد صادوا حيوانات شملت الغزلان والأرانب وطيوراً مثل البط والأوز. والحيوانات الوحيدة التي كانت تربى بقصد الحصول على لحمها هي الكلاب والديك الرومي.

**الملابس**. كانت نساء الأزتك يرتدين قمصاناً خارجية فضفاضة بدون أكمام، وتنورات طويلة. وكان حصرهن وعباءة يرتدي فوق أحد الكتفين قماشاً يربط حول خصره، وعباءة معقودة فوق أحد الكتفين. واستخدم الفقراء في ملابسهم قطعة قماش مصنوعة من ألياف الصبار الأمريكي، في حين

ارتدى الأغنياء ثياباً قطنية. وكانت كثرة الزخرفة على الثياب تعكس ثروة من يرتديها ومركزة الاجتماعي.

كانت معظم بيوت الأزتك متواضعة، ومصنوعة لكي تكون مفيدة عملياً أكثر من كونها جميلة. وقد بنواها في الأراضي المنخفضة فقد صنعوا سقوفها من القش، وجدرانها من الأغصان أو من القصب المكسو بالطين، وبالإضافة إلى المنزل كانت معظم العائلات تملك مباني أخرى متعددة تضم مستودعاً ومنزلاً صغيراً للحيوانات الحارة. وكانت العائلات الأزتكية الثرية تملك بيوتاً كبيرة من الطوب اللبن أو الحجر يتوسطها فناء واسع.

**الفنون والحرف**. كانت المنحوتات الأزتكية، التي كانت تزين المعابد والمباني الأخرى، من أكثر المنحوتات إتقاناً في الأمريكتين. وأشهر أثر أزتكي، منحوت، لايزال موجوداً حتى الآن هو حجر التقويم الدائري الضخم الذي يمثل مفهوم الكون عندهم. وقطر هذا الحجر نحو ٣,٦م، وفي وسطه وجه توناتيو - إله الشمس عندهم. وهناك نقوش أخرى على الحجر، تمثل أيام الشهر عند الأزتك، ورموز دينية متعلقة بعبادة إله الشمس عندهم. ويعتقد عدد كبير من الأثريين أن كهنة الأزتك كانوا يضعون قلوب القرابين البشرية على هذا الحجر.

أنتج الأزتك أشكالاً متعددة من الأدب المروي، يشمل الشعر وروايات متوارثة من تاريخهم. وكان للموسيقى دور رئيسي في طقوسهم الدينية، والآلات الموسيقية الرئيسية عندهم هي الطبل والمزخرف والخشخاشة.

واستخدم حرفيو الأزتك الريش لصناعة العباءات والأغطية الرأسية وثياب أخرى. كما عرفوا حرفة صهر أخرى اشتملت على صناعة المعادن والخزف والحياكة والنقش على الخشب.

**اللغة**. تكلم الأزتك لغة تسمى ناهواتل، تنتمي إلى مجموعة كبرى من اللغات الهندية تعرف بعائلة أزتك - تانوان أو يوتو أزتيكان اللغوية. كما تضم هذه العائلة اللغات التي يتحدث بها قبائل كومانشي وبيما وشوشوني، وقبائل أخرى في أمريكا الشمالية الغربية.

واستخدم الأزتك شكلاً من الكتابة يوصف بالكتابة التصويرية. وتألف من صور صغيرة، ومنها ما يرمز إلى معاني الأشياء المصورة ومنها ما يعطي أصواتاً لمقاطع لفظية.

ولم يكن تطور نظام الكتابة التصويرية كافياً ليقدم تعبيراً كاملاً عن الأفكار. وقد استخدم الأزتك هذا النظام، بصورة رئيسية، من أجل السجلات التجارية والأحصائيات والكتابات التاريخية والدينية وقوائم الضرائب.

الحرب. عُدّ الأزتك الحرب واجباً دينياً. فلم يقاتلوا من أجل توسيع إمبراطوريتهم فحسب، وإنما للحصول على الأسرى لتقديمهم قرابين لآلهتهم. كان الهدف الأعلى للشاب هو أن يكون محارباً ناجحاً. وكان الرجال، الذين يحصلون على عدد كبير من الأسرى في المعركة، يكافأوا الواحد منهم بإقطاعة أرضاً، ويتبوأ منزلة اجتماعية رفيعة ومناصب حكومية مهمة.

كانت أساليب الأزتك في القتال ترمي إلى الأسر أكثر من القتل. وكان السلاح الرئيسي عندهم هراوة خشبية ذات حواف حادة من حجر السبج (الأبسيديان)، وهو حجر الزجاج البركاني. وكان هذا السلاح، الذي أطلق عليه اسم ماكواهويتيل فعالاً في إضعاف مقاومة الخصم دون قتله. واستخدم الأزتك الأقواس والسهام والحراب. وكانت هناك أداة لرمي الحراب عرفت باسم أتلاتل، وأسهمت في توسيع مدى الرمية وزيادة قوتها. وكان المحاربون يحمون أنفسهم بالتروس ورداء دروع محشوة بالقطن

**الاقتصاد**

**الزراعة**. كانت الزراعة أساس الاقتصاد عند الأزتك، وأكثر المحاصيل أهمية الذرة الشامية. وكانوا يزرعون أيضاً الفاصوليا والقرع والفلفل والأناناس والطماطم وعدداً كبيراً من المحاصيل الأخرى. وقد وفرت الأراضي المنخفضة المخصبة المنتجات الاستوائية مثل: القطن والباباي والمطاط وحبوب الكاكاو التي تصنع منها الشوكولاتة.

ودفعت مئات من المدن المغلوبة ضرائب طائلة على شكل سلع إلى الإمبراطورية. وحينما أصبح مونتيزوما الثاني إمبراطوراً سنة ١٥٠٢م، كانت إمبراطورية الأزتك في ذروة قوتها.

**الفتح الأسباني**. رسى المستكشف الأسباني هرناندو كورتيز سنة ١٥١٩م، على الساحل الشرقي للمكسيك، وسار براً إلى عاصمة الأزتك. وانضم إليه وإلى قواته عدد كبير من الهنود الذين كان الأزتك قد أخضعوا بلادهم، حيث كانوا مستائين من الضرائب الطائلة التي كان يبتزها الأزتك منهم، ولم يتصد مونتيزوما الثاني لتقدم الأسبان، وهو أحسن الظن أن السبب في ذلك هو أنه اعتقد بأن كورتيز يمثل إلههم كويتزالكوتل للتشابه بين الاسمين، والذي تقول أسطورة أزتكية أنه سافر عبر البحر وسوف يعود يوماً. ودخل كورتيز مدينة تينوختيتلان وأسر مونتيزوما.

وفي سنة ١٥٢٠م ثار الأزتك وطردوا الأسبان من المدينة، ومات مونتيزوما من جراء جروح أصيب بها إبان القتال. وأعاد كورتيز تنظيم جيشه وبدأ بهجوم دموي على تينوختيتلان في شهر مايو سنة ١٥٢١م. ولكن كواوتيموك، وهو خليفة مونتيزوما، استسلم للأسبان في شهر أغسطس من العام نفسه.

**تراث الأزتك**. لاتزال قلة قليلة من بقايا العمارة الأزتكية باقية حتى الآن. فقد اعتبر الأسبان أن واجهتهم كنيسة أو أنقاض كل ما في المعابد. والآثار الأخرى، من الأشياء المتعلقة بديانة الأزتك، دمرها مدنيو تينوختيتلان وبنوا على أنقاضها مدينة مكسيكوسيتي.

لكن الأثريين كشفوا خلال عمليات التنقيب عن موقع المعبد الكبير في مدينة مكسيكوسيتي، وكشفوا جوانب البناء الأربعة، واكتشفوا حوالي ستة آلاف قطعة، تشمل مجوهرات وخزفاً وتماثيل ونقوشاً جدارية وبقايا قرابين حيوانية وبشرية. ورسم الأثريون بعض المباني الأزتكية الأخرى، منها معابد في كل من تيناياكا وتيبوزتلان، الواقعتين قرب مدينة مكسيكوسيتي. وبالإضافة إلى ذلك يضم المتحف الوطني للآثار في مدينة مكسيكوسيتي مجموعة كبيرة من الأعمال الفنية الأزتكية.

وآلاف من السكان في المكسيك لهم أسلاف من الأزتك. كما أن عدداً كبيراً منهم يتكلمون صورة حديثة من لغة ناهواتل. هذا فضلاً عن أن عدداً كبيراً من أسماء الأماكن المكسيكية نفسها قد جاءت من لغة ناهواتل. وكذلك، كان حال الكلمات الإنجليزية مثل الأفوكادو والشوكولاتة والطماطم. واستخدم رسامون مكسيكيون، أمثال جوز أوروزكو ودييجو ريفيرا وسادورو سيكيروس،

كانت الآلة الزراعية الأساسية هي عصا مدببة تستعمل للحفر. لجأ المزارعون في الأراضي المشجرة، المغطاة بغابة كثيفة، إلى عمليتي القطع والحرق، حيث كانوا يقطعون جزءاً من الغابة ويحرقونه، ثم يزرعون المحاصيل في الأراضي التي تم تنظيفها. كان الرماد يزيد من خصوبة التربة. وشيّد الأزتك في الأراضي المرتفعة المصاطب في جوانب التلال كي يزيدوا من مساحة الأرض الزراعية. كما أنهم حفروا شبكات الري لسقي محاصيلهم. وبالإضافة إلى ذلك حول المزارعون بقعاً من الطين الخصبة إلى أراض زراعية بجرف الطين من قاع هذه البحيرات وتشكيله على هيئة جزر، كانت تعرف باسم تشينامباس. وكان المزارعون يضيفون، بصورة منتظمة، طيناً جديداً في غاية الخصوبة. وأدى ذلك إلى الإنتاج الوفير من المحاصيل الزراعية لجزر التشينامباس. ولايزال في بحيرة زوتشيميلكو في مدينة مكسيكو سيتي، عدد كبير من التشينامباس. وعلى الرغم من أن هذه الجزر غير عائمة، أتى

اسم الحدائق العائمة.

**التجارة والنقل**. كانت ساحة السوق مركزاً رئيسياً في حياة الأزتك. فكان سوق تلاتيلولكو أكبر سوق في الأمريكتين، وقد عُرضت في هذا السوق كل أنواع السلع المتوافرة في عالم الأزتك. وكتب المؤرخ الأسباني هرناندو كورتيز بأن أكثر من ٦٠ ألف نسمة يزورون هذا السوق يومياً. وكان هناك عدد كبير من الأسواق الصغيرة في أرجاء الإمبراطورية، وكان موظفو الحكومة يشرفون على التجارة.

كان التجار يعرفون باسم بوشتيكا، ويجوبون كل أرجاء الإمبراطورية في حملات تجارية. استخدم التجار عدداً كبيراً من الحمالين يسيرون في قوافل طويلة وهم يحملون على ظهورهم حمولات ثقيلة. وتاجر سكان الأراضي المنخفضة بمنتجاتهم من الكاكاو والقطن والمطاط وجلود نمور الببور وريش الطيور المدارية. وسلموا مقابلها سلعاً من الأراضي المرتفعة، منها السبج (الزجاج البركاني) الذي كان يستخدم في صناعة السكاكين، ومجموعة متنوعة من المنتجات المصنعة.

**نبذة تاريخية**

**هجرة الأزتك**. جاء أسلاف الشعب الذي أسس مدينة تينوختيتلان إلى وادي المكسيك - طبقاً لأساطير الأزتك - من مكان في الشمال يدعى أزتلان، ومنها جاء اسم الأزتك. وطبقاً لسنوات عديدة قبل أن يستقروا في هذا الوادي في القرن الثالث عشر الميلادي. وكانوا في البداية رعاة شبه عراة ساءت سمعتهم في تلك المنطقة. لكن فيما بعد، ومنذ أوائل الخمسين في أواسط القرن الرابع عشر الميلادي، أسس الأزتك مدينتهم تينوختيتلان.

**ظهور إمبراطورية الأزتك**. أصبحت تينوختيتلان في نحو أوائل القرن الخامس عشر الميلادي مدينة قوية، وسيطرت على الإقليم الخصيب بما يكونه نوعاً من الدولة المدينة. وقد اتحدت تينوختيتلان مع كل من مدينتي تكسكوكو وتلاكوبان، وهما مدينتان أخريان من الدول المدن في وادي المكسيك - لتشكل المدن الثلاث المتحالفة. وأصبحت تينوختيتلان أكثر أعضاء هذا الحلف قوة، وبدأت في بناء إمبراطورية الأزتك، حيث أخضع الحلف في عهد مونتيزوما الأول، الذي حكم من سنة ١٤٤٠م إلى ١٤٦٩م، مناطق كبيرة إلى الشرق والجنوب. ويكتب اسم مونتيزوما بشكلين آخرين هما: موكتيزوما ومونتيكوهزوما. وسع خلفاؤه الإمبراطورية، فامتدت بين ما هو معروف الآن بجواتيمالا وولايات سان لويس بوتوسي المكسيكية.

موضوعات أزتكية في رسوماتهم. هذا فضلاً عن أطعمة من أصل أزتكي، مثل الفلفل والشوكولاتة والتاكو، قد أصبحت مألوفة في عدد كبير من البلاد.

وتعيش حالياً في الولايات المتحدة الأمريكية، أعداد كبيرة من ذوي الأصول الأزتكية، وبخاصة في ولايتي كاليفورنيا وتكساس. وقد طور هؤلاء الأمريكيون المكسيكيون، في أواسط القرن العشرين، اتجاهاً ثقافياً جديداً للاعتزاز بأسلافهم الأزتك وأطلقوا عليه اسم تراث الأزتك.

تعليقات