لماذا نخترع ؟ حاجة عسكرية واجتماعية واقتصادية

 



لماذا يخترع الناس

يخترع الناس لأسباب عديدة. فبعضهم يأمل في كسب المال من مخترعاتهم، ويخترع آخرون لإشباع فضولهم أو حوافزهم نحو الإبداع. ومع ذلك، فقد ظل الحافز الأعظم للاختراع هو سد حاجات الناس. ويمكن تقسيم هذه الحاجات إلى ثلاث مجموعات: ١- الحاجات الاقتصادية، ٢- الحاجات العسكرية ٣- الحاجات الاجتماعية. ويجب أن يشبع أي اختراع حاجة ما في إحدى هذه المجموعات، وإلا فإن الناس سوف تتجاهله. وهناك أعداد كبيرة من الاختراعات لم تعد تدخل مرحلة الاستعمال أبداً لأنها عجزت عن الوفاء بأي حاجة.   

الحاجات الاقتصادية. لقد أفضت الحاجة الاقتصادية إلى معظم الاختراعات. ولا تشمل هذه الاختراعات الآلاف من الأدوات والآلات المستعملة في الزراعة وفي العمل وفي الصناعة فحسب، بل تشمل كذلك أنواعاً عديدة من العمليات والمنتجات.   

والاختراع الاقتصادي الناجح يوجد حاجة لمزيد من الاختراعات والمثال على ذلك الفيض من الاختراعات التي أحدثت ثورة في صناعة المنسوجات البريطانية في القرن الثامن عشر الميلادي.

في عام ١٧٣٣م اخترع صانع الساعات الإنجليزي جون كاي آلة نسيج سميت الوشيعة الطائرة. ولقد مكنت الوشيعة الطائرة النساجين من إنتاج القماش بسرعة تفوق كثيراً السرعة التي يمدهم بها الغزالون بالخيوط، الأمر الذي دفع صانعي النسيج إلى البحث عن المزيد من الغزالين أو الإسراع في عملية الغزل. 

في الستينيات والسبعينيات من القرن الثامن عشر الميلادي أنتج ثلاثة مخترعين إنجليز هم: جيمس هارجريفز، والسير ريتشارد أركرايت، وصمويل كرومبتون سلسلة من الاختراعات مكنت العمال من غزل الخيوط بسرعة أكبر. فتوافر فجأة الخيوط لصانعي النسيج بكميات أكثر مما لديهم من نساجين وآلات نسيج لصنع القماش. ثم توصل مخترع إنجليزي آخر في أواسط الثمانينيات من القرن الثامن عشر الميلادي هو إدموند كارترايت إلى اختراع نول يدار بقوة البخار. وكانت هذه الآلة تنسج القماش بسرعة فائقة إلى الحد الذي مكن النساجين من مجاراة الكميات الكبيرة من الخيوط التي تغزلها آلات الغزل.

لقد مكنت الآلات الجديدة للغزل والنسيج صانعي المنسوجات من إنتاج كميات كبيرة من القماش القطني بتكاليف أقل. ونتيجة لذلك، تمكنوا من بيع القماش بأسعار منخفضة، الأمر الذي أدى سوقاً جديداً واسعاً له. وبالتالي، ازداد الطلب على القطن الخام، الأمر أنشأ مشكلة جديدة، فالقطن الخام يحتوي على بذور لابد من نزعها من قبل أن يغدو ممكناً استعماله في آلات الغزل. وكان العمال ينزعون هذه البذور بأيديهم، وهي عملية بطيئة لم يكن بمقدورها مجاراة حجم الطلب على القطن. وفي عام ١٧٩٣م، تمكن مخترع أمريكي يدعى إيلي ويتني من صناعة محلج القطن، وكان بوسع هذه الآلة نزع البذور من القطن بسرعة تعادل سرعة خمسين عاملاً يعملون بأيديهم. لقد مكن محلج القطن من الوفاء بمتطلبات آلات الغزل والنسيج من مادة القطن.

الحاجات العسكرية. لقد ظلت الحرب والأخطار المنذرة بها تحفز إلى الاختراع على الدوام. فالآلة التي هي حالة حرب تشجع مخترعيها ومهندسيها وعلماءها على إيجاد أسلحة جديدة تكون أكثر تدميراً لعدوهم. كما أدت الحرب أيضاً إلى اختراعات عديدة كان لها منافع وقت السلم.

أكدت الحرب العالمية الثانية (١٩٣٩ - ١٩٤٥م) أهمية البحث العلمي والاختراع أكثر من أية حرب أخرى. وقد أنتجت هذه الحرب أسلحة أكثر تدميراً مما عُرف في أي حروب أخرى في أي وقت من الأوقات، مثل قنبلة الذرية. وعلى الرغم من ذلك، برزت نتيجة هذه الحرب مخترعات عديدة أفادت الناس بصورة كبيرة. فالطاقة الذرية، التي استعملت لأول مرة في القنبلة الذرية، 1 قد فتحت الصناعة الآن بالقوة المحركة. وقد حفزت هذه الحرب اختراع الرادار، وهو اختراع يؤدي دوراً مهماً هذه الأيام في الطيران التجاري وفي التكهن بأحوال الطقس.   

الحاجات الاجتماعية. أدت حاجات المجتمعات إلى آلاف الاختراعات والاكتشافات التي حققت الكثير من الأخطار على الصحة فأزالت عمر الإنسان بمشيئة الله تعالى. والبعض الآخر منها أيضاً جعل الحياة أسهل وأكثر راحة.

ساعد العديد من المخترعين الناس في مقاومة الأمراض ومعالجتها، فمنها ما مكن الأطباء من تشخيص الأمراض، ومنها ما ساعد على اكتشاف عقاقير وتقنيات جديدة لمعالجة الأمراض. فلم يكن بمقدور العلماء أبداً أن يحققوا خطوات إلى الأمام ذات شأن في الكفاح ضد الأمراض المعدية من غير المجهر المركب. فقد اخترع صانع الأدوات البصرية الهولندي زاكريس جانسين المجهر المركب عام ١٥٩٠م. وفي عام ١٨٥٣م اخترع الطبيب الفرنسي شارل برافاز الحقنة تحت الجلدية التي تمكن الأطباء من إدخال الأدوية بسهولة تحت الجلد. وفي أواسط القرن العشرين، طور الطبيبان الأمريكيان جوناس سالك وألبرت بروس سابين لقاحات تساعد في منع الإصابة بشلل الأطفال.

تشمل المخترعات التي تجعل الحياة أسهل وأكثر راحة العديد من الأجهزة والمنجزات المتوفرة في منازلنا. فالمكنسة الكهربائية التي نال براءة اختراعها بضعة مخترعين هي واحدة 1 من عدد كبير من الأدوات التي تقلل من حجم الأعباء المنزلية. وجعلت الأطعمة التجارية المجمدة تنظيم وإعداد الوجبات الغذائية مهمة أسهل. وقد طور المخترع الأمريكي كليرنس بيردزاي عملية حفظ الأغذية بالتجميد السريع في العشرينات من هذا القرن.


تعليقات