الأرجوزة في الشعر العربي قصيدة من بحر الرجز. وهو شعر يسهل في السمع ويقع في النفس لخفته. كما أنه نوع من أنواع الشعر يكون كل مصراع منه مفردًا وتسمى قصائده أراجيز، واحدتها أرجوزة. والأرجوزة غير القصيدة، لأن القصيدة يكون البيت فيها مكونًا من مصراعين. والشعر العربي كله إما رجز وإما قصيد، ويسمى ناظم الرجز راجزًا، أما قائل القصيد فيسمى شاعرًا، قال الشاعر:
أُرْجُوزَةٌ تَرِيدُ أَمْ قَصِيدَا
كِلَا أَجِدُّ مُسْتَرِيحًا
والرجز بحر من بحور الشعر معروف وزنه التام كما يلي:
مُسْتَفْعِلُنْ مُسْتَفْعِلُنْ مُسْتَفْعِلُنْ
مُسْتَفْعِلُنْ مُسْتَفْعِلُنْ مُسْتَفْعِلُنْ
ويأتي تامًا ومثاله:
مَا هَاجَ أَحْزَانًا وَشَجْوًا قَدْ شَجَا
مِنْ طَلَلٍ كَالأَتْحَمِيِّ أَبْهَجَا
فإذا ذهب منه جزء سمي مجزوءًا، وهو الذي يبقى على أربع تفعيلات، ولشوقي أرجوزة مشهورة من هذا النوع أولها :
لِي أَبِي عَلِيٌّ نِعْمَ أَبِيفَإِذَا بَقِيَ عَلَى ثَلَاثِ تَفْعِيلَاتِ سُمِّيَ مَشْطُورًا، وَمِنْهُأُرْجُوزَةٌ لِأَبِي الْمُفَضَّلِ يَقُولُ فِيهَا:حَمْحَمَةُ الْفُرْسَانِ فِي الْأَكْمَامِأَزْهَى مِنَ الصُّبْحِ فِي الْأَعْتَامِيَوْمَهَا شَوْقُ الْبَكِيِّ النَّاعِيتَقْصُرُ عَنْهُ هِمَّةُ الْأَقْدَامِفَإِذَا بَقِيَ الْبَيْتُ عَلَى تَفْعِيلَتَيْنِ سُمِّيَ مَنْهُوكًا، وَمِنْهُ بَعْضُأَرَاجِيزِ أَبِي نُوَاسٍ الْمَشْهُورَةِ الَّتِي يَقُولُ فِي إِحْدَاهَا:أَلْهَانِيَ اللَّذُّ وَطَابَ السَّمَرُوَالْكَأْسُ تُدَارُ عَلَيْنَا وَتَدُورُلَبَّيْكَ كُلَّمَا دَعَاكَ مُلْكُلَبَّيْكَ وَالْأَمْرُ إِلَيْكَ وَالْمُلْكُيَا صَاحِبِي قَدْ سَأَلْتُكَ سُؤْلًاأَنْتَ لَهُ عَالِمٌ بِمَا سَأَلْتُكْوَلَا أُرِيبُ أَنَّ لَكَ عِلْمًابِالْغَيْبِ إِنْ جَاءَكَ مِنْهُ سَلْكُ
وقد اختصت جماعة من الرُّجَّاز بهذا النوع من الشعر حتى إنهم لم ينظموا في غيره؛ منهم العجاج وراجز وابنه رؤبة، وكانوا ينظمون المدح والوصف والخلاعة رجزًا.
والنقاد مجمعون على أن أول الشعر العربي هو الرجز. وقد يسميه بعض النقاد حمار الشعر؛ لأن كل شاعر يركبه لسهولته. ولسلاسة الأراجيز في النظم استُخدم
كَلَامُنَا لَفْظٌ مُفِيدٌ كَاسْتَقِمْوَاسْمٌ وَفِعْلٌ ثُمَّ حَرْفٌ الْكَلِمْوَاحِدَةُ الْكَلِمَةُ وَالْقَوْلُ عَمْ
وَكَلِمَةٌ بِهَا كَلَامٌ قَدْ يُؤَمْ
وغيرها الكثير (العروض).
أما في الأدب الغربي فالأرجوزة نمط شعري، منظوم بعناية، وللشعر النموذجي من هذا النوع ثلاثة مقاطع، كلها تتبع القافية نفسها، وتنتهي المقاطع الثلاثة بحاشية تسمى المقطع الأخير، والمقطع الأخير ينتهي بسطر واحد ويتكرر هو نفسه. يأتي تأثير الشعر ذي المقاطع الثلاثة من تكرار كلمات السجع وتكرار الموضوع الوحيد في العبارة المكررة.
تأصل الشعر ذو المقاطع الثلاثة في فرنسا في القرن الرابع عشر الميلادي، وأكبر شاعر في هذا المجال كان الشاعر القروني الوسطي الفرنسي فرانسوا فيلون، وقد ترجم الشاعر
الإنجليزي دانتي جابرييل روزيتي عام ١٨٦٩م ترديد فيلون في المقاطع الشعرية للقصيدة والحاشية (المقطع الأخير) الذي ينتهي بعبارة الترديد المشهورة:
لكن أين ثلوج السنة الماضية
الشعر ذو المقاطع الثلاثة يجب ألا يختلط بالقصيدة القصصية التي هي نموذج للشعر البسيط والتي عادةً ما تروي قصة. الشعر ذو المقاطع الثلاثة هو أيضًا شكل موسيقي وقد استعمل الموسيقار البولندي فريدريك شوبان، الاصطلاح لأول مرة في القرن التاسع عشر، ليصف القطع المساعدة التي تلحق بالنص الغنائي المسرحي.