"الأدارسة، دولة (١٧٢ - ٣٧٥ هـ، ٧٨٨ - ٩٨٥ م). دولة الأدارسة نبتت ببذورها في عهد خلافة الهادي بن المهدي العباسي (١٦٩ - ١٧٠ هـ، ٧٨٥ - ٧٨٦ م). فقد خرج الحسين بن علي بن الحسن بن علي بن أبي طالب - رضي الله عنهم - بالمدينة على حكم العباسيين سنة ١٦٩ هـ، ٧٨٥ م، والتف حول دعوته الناس فطردوا الوالي العباسي، وساروا إلى مكة، ولكن العباسيين تمكنوا منهم وقتلوهم وفيهم الحسين نفسه.
شهدت هذه النهاية المؤلمة للحسين عمه إدريس، فرأى بنائب بصره أن الجزيرة العربية ليست مكاناً مناسباً للثورة ضد العباسيين فذهب إلى مصر، ونصحه واليها واضح ذو الميول الشيعية بالذهاب إلى المغرب الأقصى، بعيداً عن يد العباسيين. فخرج من مصر متنكراً مع مولاه راشد حتى استقر أخيراً بمدينة وليلي المغربية عام ١٧٢ هـ، ٧٨٨ م. واستطاع أن يقنع الزعيم البربري إسحاق بن محمد بن عبدالحميد بنبذ طاعة العباسيين والدعوة له بين البربر. ولم يتردد إسحاق في قبول دعوته على الرغم من ميل البربر إلى أهل السنة، ولكنه رأى أن نقمتهم على العباسيين تكفي لمساندة الشيعة. وأقنع إسحاق شعبه بمؤازرة إدريس، وأعلنت
أخذ إدريس الشيعي العلوي في نشر مذهبه ونشر الإسلام فغزا تامسنا وتوالا اللتين لم يكد يصل إليهما حتى أعلن إسلامه كل من لم يسلم من قبل، وسقطت في يده تلمسان، فكانت ضربة قوية للخلافة العباسية أزعجت هارون الرشيد، فهم بإرسال جيش للقضاء على إدريس ولكنه خشي الهزيمة لبعد الشقة، ففكر في استخدام الحيلة للتخلص من إدريس. وتقول
"الناس في ذلك الحين يأخذون بنظام الوراثة في الحكم فقد انتظروا حتى وضعت كنزة البربرية مولودها من إدريس فسموه إدريس، وجعلوه إماماً عليهم عام ١٧٧ هـ، ٧٩٣ م.
وبنى إدريس بن إدريس عاصمة جديدة لدولته سميت فاس. وتوسع في فتوحاته وضم المغرب الأوسط (الجزائر)، وسعى للقضاء على نفوذ الخوارج الذين صوروا حكمه على أنه حكم أرستقراطية عربية مترفعة عن الشعب. ووازن في الوظائف بين العرب والبربر، ووصلت الدولة إلى قمتها في عهده، وحكم بعده ثمانية من الأدارسة، كان أعظمهم قوة وأعلاهم قدراً
وازداد ضعف الدولة في عهد علي بن أحمد بن إدريس، حين استعاد الخوارج
لقد أسهم الأدارسة في تقدم الإسلام وحضارته في شمالي إفريقيا، وذلك بفضل نشاطهم في نشر الإسلام وتعاليمه السمحة.