لماذا عارض إرازمس، ديديريوس (١٤٦٦م - ١٥٣٦م) مارتن لوثر مؤسس البروتستانتية رغم أنه إصلاحي كبير مثله

 


إرازمس، ديديريوس (١٤٦٦م - ١٥٣٦م). عالم وقس هولندي سعى إلى إصلاح الكنيسة. ففي البداية، أيد كبير القساوسة الألماني مارتن لوثر وقادة الإصلاح النصراني وهي الحركة الدينية التي ولدت البروتستانتية. قام هؤلاء المصلحون بالاعتراض على الفساد والتعصب الذي شهده إرازمس وجماعته في الكنيسة، إلا أنه آمن بوحدة النصرانية وعليه رفض الموافقة على تأسيس كنيسة مستقلة. لكنه فشل في محاولة لإيجاد أرضية إنسانية عادلة معتدلة في الصراع المرير الذي دار بين الكاثوليك والبروتستانت.

وُلد إرازمس في روتردام في هولندا، وتمت ترقيته إلى رتبة قسيس في عام ١٤٩٢م. وفي عام ١٤٩٩م، قام إرازمس بزيارة إنجلترا حيث التقى هناك بمنصرين أمثال جون كوليت، وتوماس مور، وأقنع هؤلاء العلماء إرازمس بتوجيه اهتمامه إلى الدراسات التوراتية.

وفي كتيب له بعنوان "مقاتل نصراني" (١٥٠٣م)، قدم إرازمس ما سماه "فلسفة المسيح".

المسيح التي أكدت على التقوى والأخلاق والتزام الحقيقة. وفي كتابه الهجائي "مدح الحمق" (١٥١١م) وجه انتقادًا لرجال الكنيسة لإهمالهم تلك القيم. وصدر له كتاب العهد الجديد بالإغريقية عام ١٥١٦م وهذا ما جعل النص الأصلي منشورًا ومعروفًا.

"فلسفة المسيح" لإرازمس:

  • لم تكن "فلسفة المسيح" نظامًا فلسفيًا بالمعنى الدقيق للكلمة، بل كانت دعوة إلى تبني روح المسيح وتعاليمه الأخلاقية البسيطة.
  • أكد إرازمس على أهمية الحياة المسيحية العملية التي تتجلى في المحبة والتسامح والسلام، بدلاً من التركيز المفرط على الطقوس واللاهوت المعقد.
  • دعا إلى قراءة الكتاب المقدس مباشرة والعودة إلى مصادر المسيحية الأولى.

"مدح الحمق" وتأثيره:

  • يعتبر كتاب "مدح الحمق" من أشهر أعمال إرازمس وأكثرها تأثيرًا. كتبه بأسلوب ساخر وهجائي ينتقد فيه جوانب مختلفة من المجتمع الأوروبي في عصره، بما في ذلك رجال الدين واللاهوتيين والنبلاء.
  • استخدم شخصية "الحمق" كراوٍ للأحداث، مما سمح له بالتعبير عن آراء جريئة ونقدية بطريقة فكاهية وذكية.
  • كان لهذا الكتاب تأثير كبير في تسليط الضوء على المشاكل والعيوب في الكنيسة والمجتمع، وساهم في تهيئة الأجواء لحركة الإصلاح الديني.

إصدار العهد الجديد باليونانية:

  • كان إصدار إرازمس للعهد الجديد باليونانية عام ١٥١٦م حدثًا بالغ الأهمية. فقد قدم نصًا يونانيًا موثوقًا به ومتاحًا للعلماء واللاهوتيين، مما سمح لهم بدراسة الكتاب المقدس بلغته الأصلية.
  • سبق هذا الإصدار ترجمة مارتن لوثر للكتاب المقدس إلى الألمانية، واستندت العديد من الترجمات اللاحقة إلى نص إرازمس اليوناني.
  • ساهم هذا العمل بشكل كبير في تقدم الدراسات الكتابية وفهم أعمق للنصوص المسيحية.

موقف إرازمس من الإصلاح:

  • على الرغم من انتقاداته للفساد في الكنيسة، كان إرازمس حريصًا على الحفاظ على وحدة الكنيسة المسيحية.
  • اختلف مع مارتن لوثر في بعض الجوانب اللاهوتية، وخاصة فيما يتعلق بقضية حرية الإرادة.
  • سعى إلى إصلاح الكنيسة من الداخل من خلال التعليم والحوار والإصلاح التدريجي، بدلاً من الانفصال وتأسيس كنائس جديدة.
  • تعرض لانتقادات من كلا الجانبين (الكاثوليك والبروتستانت) بسبب موقفه الوسطي، لكنه ظل متمسكًا بمبادئه الداعية إلى الوحدة والسلام.

تراث إرازمس:

  • يعتبر إرازمس شخصية محورية في تاريخ النهضة الأوروبية والإصلاح الديني.
  • كان له تأثير كبير على تطور الفكر الإنساني والدراسات الكلاسيكية والدراسات الكتابية.
  • يُنظر إليه على أنه رائد في الدعوة إلى التسامح والعقلانية والإصلاح السلمي.
  • لا تزال أعماله تُقرأ وتُدرس حتى اليوم لأهميتها التاريخية والفكرية.
تعليقات