الأرمادا الإسباني أسطول مسلح من السفن التي حاولت غزو إنجلترا عام ١٥٨٨م. وقد أطلق على هذا الأسطول الإسباني اسم الأرمادا التي لا تقهر لاعتقاد الإسبان بذلك. إلا أن الأسطول الإنجليزي هزم الأرمادا، مما قلل من هيبة إسبانيا (أقوى دولة بحرية في العالم آنذاك). ظلت إسبانيا قوة لا يستهان بها بعد ذلك، إلا أن التجار الإنجليز تحدوا الإسبانيين بثقة أكبر في كل أنحاء العالم.
**الخلفية التاريخية للمعركة:**
ظهر شعور من الجفاء بين إسبانيا وإنجلترا منذ عام ١٥٧٠م. فقد كانت إسبانيا تأخذ الذهب والفضة من أراض ادعت سيطرتها عليها في القارة الأمريكية. وكانت إنجلترا تطمع في جزء من تلك الثروة، وشجعت الملكة إليزابيث الأولى البحار فرانسيس دريك وغيره للسطو على السفن والمدن الإسبانية.
كما كان للاختلاف المذهبي أثره في النزاع بين الدولتين؛ فإسبانيا تتبع المذهب الروماني الكاثوليكي، ومعظم إنجلترا أصبحت تتبع المذهب البروتستانتي نتيجة لحركة الإصلاح. وفي الستينيات من القرن السادس عشر بدأت إنجلترا في دعم البروتستانت الهولنديين الذين كانوا ثائرين على الحكم الإسباني. علاوة على ذلك، وفي أوائل الثمانينيات من القرن الثامن عشر، بدأت الملكة إليزابيث الأولى في التخطيط لإرسال أسطول لغزو إنجلترا أملاً أن تتخلص من غزوات الإنجليز، ويُعتقد إجبار إنجلترا على الكاثوليكية التي كانت عليها.
**الأسطولان:**
في عام ١٥٨٦م، بُنيت سفينة حربية جديدة كبيرة، وسلح السفن الموجودة تسليحًا ثقيلاً. وفي عام ١٥٨٧م أغار فرانسيس دريك على مرفأ قادس الإسباني، ودمر سفنًا عديدة. وانتهى العمل على تجهيز الأرمادا في مايو ١٥٨٨م في المرفأ البرتغالي لشبونة التي كانت يومئذ تحت السيطرة الإسبانية. وبلغت سفنه مئة وثلاثين سفينة ضخمة ولكنها بطيئة، وبعضها كان يفتقر إلى الذخيرة والرجال ذوي الخبرة، مما جعل فيليب يقول عن دوق مدينا سيدونيا قائد الأرمادا إنه بحار جاهل.
في الوقت ذاته سلحت إنجلترا كثيرًا من سفنها التجارية، وأضافتها إلى أسطولها، فكانت سفن إنجلترا أخف وأسرع وأسهل للمناورة من السفن الإسبانية. وكان لدى إنجلترا بحارة أكثر خبرة. وتولى قيادة الأسطول الإنجليزي الأدميرال اللورد هوارد أف إفينجهام. وكان من قادة دريك، وجون هوكينز، ومارتن فروبشر.
المعركة: غادرت الأرمادا لشبونة في ٢٨ مايو ١٥٨٨م. وفقًا لتقويم كان مستعملاً في إنجلترا آنذاك، ودخلت بحر المانش في ٣٠ يوليو. وعاضت مبارزة بنيران المدافع ببطء المدفعي مع السفن الإنجليزية طوال الأيام القليلة التالية. وفي ٦ أغسطس، رست في كاليه بفرنسا. وكان مدينا سيدونيا قد حمل للالتقاء بقوارب تحمل قوات إسبانية قرب مدينة دنكرك التي كانت وقتئذ ميناء هولندا. ولكن قوارب المدفعية الهولندية منعت الميناء من الالتقاء بأسطول الأرمادا.
وفي الساعات الأولى من صباح ٨ أغسطس أرسل الإنجليز ثماني سفن حريق (سفن محملة بالبارود تُضرم بها النار) نحو الأرمادا، وتوجهت السفن الإسبانية إلى عرض البحر خشية للاشتعال، وفي وقت لاحق من ذلك الصباح قامت سفن إنجليزية بخطية مهاجمة عدة مماثل من السفن الإسبانية قبالة ميناء جرافلينز الفرنسي، ونتج عن الهجوم إغراق سفينتين إسبانيتين، وإلحاق الضرر بالباقي.
فرت سفن الأرمادا المعطوبة إلى بحر الشمال، مبحرة شمالًا حول الجزر البريطانية. وحطمت الرياح العاتية سفنًا كثيرة قبالة سواحل أيرلندا. ولم يصل إلى إسبانيا سوى ٦٧ سفينة.