الحاجة إلى نظام أخلاقي. لماذا نحتاج إلى الأخلاق، زيادة على القواعد الخلقية المعمول بها ؟ إن السبب الرئيسي هو أن الإنسان لديه فضول لمعرفة أفعاله، فيدفعه ذلك إلى التفكير فيها والمقارنة بينها والبحث عن مبادئها العامة. ففي حالة التأمل الأخلاقي نصادف بعض الصعوبات، إذ لسنا دائماً على يقين من المبدأ الأخلاقي الذي ينبغي أن يخضع
له قرار من القرارات. فقد تواجه امرأة شابة، مثلاً، مشكلة ما إذا كان من الأفضل أن تواصل دراستها أو أن تنصرف للعمل من أجل مساعدة أسرتها. ربما يبدو لها أن القضية إما
قد نختلف أيضاً فيما يخص المقصود بالمبدأ في حد ذاته، أو ماذا يُقصد بالفضيلة. كما أنه توجد صراعات أخلاقية بين الأمم وبين الأفراد من ذوي العقول النيرة. إن الخلاف الأخلاقي قد يتخذ في بعض الأحيان طابعاً أساسياً، فنتساءل: لماذا يجب علينا أن نكون من ذوي الأخلاق بصورة مطلقة؟ أو لماذا نُلزم أنفسنا باحترام الواجبات الخلقية؟ وهكذا فالأخلاق تتطور بطريقة تمكن
فحين يبحث عالم الأخلاق بالدراسة المنهجية لقولنا وسلوكنا، فإنه يكشف أيضاً عن خلال القواعد العامة التي بها تبرر حالة من الحالات الفردية. مثلاً قد يقول الطالب النبيه: «إن أحط بقلمي شتماً على صفحات هذا الكتاب المختار من المكتبة» وإذا سألناه عن سبب هذا القرار الخلقي فقد يقول: «من الواجب احترام الملكية العامة» فأمثال هذه الأحكام تندرج ضمن الحالات الخلقية التي يدرسها عالم الأخلاق.
إن المنظومة الأخلاقية هي عادة من صنع الفرد، لكن الفرد ينبغي أن يأخذ في الاعتبار أخلاق الخاصة من الناس وأخلاق العامة. فقد تعرض مُنشئو الأخلاق عظماء عدداً من نظرياتهم الأخلاقية، مصممة مع أخلاق العامة. فالفيلسوف كثيراً ما يُعدّ خططاً شديدة الانتقاد للأخلاق العامة، على سبيل المثال، فإن سقراط كثيراً ما كان يخالف رأي العامة من الناس، بل رأى الحكام في المدينة حول معنى العدل والثبات على المبدأ.
ينبغي للفيلسوف ألا ينسى أبداً التبيين من القيم عندما يتصدى لتطوير المنظومة الأخلاقية، الأولى هي الحاجة إلى التفكير والنقد، وخصوصاً في بلد ديمقراطي، حيث تكتسب الاقتناعات الخلقية أهمية سياسية. أما القيمة
الثانية فتخص العمل من أجل سعادة الجميع. ذلك أن ظروفاً معينة قد تتحكم في شدة النقد الفكري الموجه للأخلاق العامة بهدف إقامة مبادئ خلقية سليمة.