من بدأ بمعرفة الألومنيوم وكيف تعامل معه الإنسان؟

 

نبذة تاريخية

جاءت كلمة ألومنيوم من كلمة ألومن (Alumen) اللاتينية. وكلمة ألومن هي المقابل اللاتيني لكلمة شب التي تُطلق على مجموعة من مركبات موجودة في الطبيعة وتحتوي على فلز الألومنيوم. وكان القدماء يستخدمونها لصباعة الأقمشة؛ فقد استخدم جابر بن حيان نحو عام ٧٨٥هـ، ٨٠٠م الشَب في تثبيت الأصباع في الأقمشة، كما حضّر بعض المواد التي تمنع الثياب من البلل؛ وهذه المواد هي أملاح الألومنيوم المشتقة من الأحماض العضوية ذات الأجزاء الهيدروكربونية. انظر: العلوم عند العرب والمسلمين (الكيمياء).

في عام ١٧٤٦م تمكن الكيميائي البروسي جوهان هينريتش بوت من فصل الألومنيا من الشب. وكان العلماء في هذا الوقت يعتقدون أن الألومينا مركب كيميائي يتكون من الأكسجين وفلز آخر غير معروف. سمى العالم البريطاني السير همفري ديفي هذا الفلز باسم إلوميوم ثم غيره بعد ذلك إلى ألومنيوم. وفي عام ١٨٠٩م قام ديفي بتكوين سبيكة من الألومنيوم والحديد عن طريق الصهر الكهربائي للألومينا مع الحديد والكربون. بداية إنتاج الألومنيوم. في عام ١٨٢٥م أنتج الكيميائي والفيزيائي الدنماركي هانز كريستيان أورستد الألومنيوم لأول مرة. حضّر أورستد كلوريد الألومنيوم من الألومنيا ثم قام بتسخين كلوريد الألومنيوم مع سبيكة من البوتاسيوم والزئبق وتكونت كتلة من الألومنيوم غير النقي في السبيكة. وفي عام ١٨٢٧م أنتج الكيميائي الألماني فريدريك فولر الألومنيوم في صورة مسحوق رمادي بتسخين كلوريد الألومنيوم مع البوتاسيوم. وفي عام ١٨٤٥م أنتج فولر جسيمات كبيرة نوعاً ما من المعدن ويمكن وزنها، كما اكتشف أن الألومنيوم خفيف الوزن. وكان فولر أول عالم يشرح العديد من خواص الألومنيوم الأخرى. في عام ١٨٥٤م طوّر الكيميائي الفرنسي هنري أتيان سانت ـ كلير ديفيل طريقة فولر. حيث استخدم الصوديوم بدلاً عن البوتاسيوم لتحليل كلوريد الألومنيوم. وقد أنتجت هذه الطريقة كميات كبيرة من الألومنيوم، كما قامت مصانع في فرنسا بإنتاج الألومنيوم تجارياً اعتماداً على طريقة ديفيل. وانخفض سعر الألومنيوم كثيراً خلال السنوات التالية، إلا أنه مع ذلك ظل مرتفعاً مما عاق انتشاره على مستوى كبير.

تطور صناعة الألومنيوم. زاد إنتاج الألومنيوم كثيراً بعد اكتشافين مهمين خلال الثمانينيات من القرن التاسع عشر. وتمثل هذان الاكتشافان في طريقة هــال - هيروليت وطريقة باير. ففي عام ١٨٨٦م طور العالمان تشارلز مارتن هال من الولايات المتحدة الأمريكية وبول هيرو من فرنسا طريقة رخيصة لصناعة الألومنيوم. ولم يكن أحدهما على علم بما يعمله الآخر، ومع ذلك فإنه كلا منهما بحث على انفراد في إذابة الألومينا في الكريوليت وفصل الألومنيوم من الخليط بطريقة الاختزال بالتحليل الكهربائي. وحالياً تستخدم طريقة هال - هيرو في إنتاج جميع الألومنيوم المنتج على مستوى العالم تقريباً. أما العالم النمساوي كارول جوزيف باير فقد ساهم في خفض تكاليف إنتاج الألومنيوم مرة أخرى حينما سجل باسمه براءة اختراع عام ١٨٨٨م لطريقة رخيصة للحصول على الألومينا من البوكسيت، وما زالت صناعة الألومنيوم تستخدم طريقة باير لإنتاج الألومينا. زاد إنتاج العالم من الألومنيوم كثيراً خلال الحرب العالمية الأولى (١٩١٤ - ١٩١٨م) من جراء زيادة الدول المتحاربة لإنتاجها لتغطية احتياجات قواتها المسلحة. وخلال العشرينات من القرن العشرين ساهم تطوير سبائك الألومنيوم الجديدة وتطوير طرق تحويل الألومنيوم إلى منتجات مفيدة، في زيادة إنتاج الألومنيوم بدرجة كبيرة. وهبط إنتاج الألومنيوم العالمي إلى النصف تقريباً خلال فترة الكساد العالمي في الثلاثينيات من القرن العشرين. ولكن اندلاع الحرب العالمية الثانية (١٩٣٩ - ١٩٤٥م) أحدث زيادة كبيرة في إنتاج الألومنيوم. وبعد الحرب العالمية الثانية تطورت صناعة الألومنيوم وظهر العديد من المنتجات التي أصبحت شائعة ومألوفة. فقد ظهر أول إنتاج ناجح لرقائق الألومنيوم المستخدمة في تغليف عام ١٩٤٧م. وبدأ أيضاً في الأربعينيات من القرن العشرين إحلال الألومنيوم محل النحاس الأصفر في صناعة قواعد المصابيح الكهربائية. وبدأ إنتاج أسلاك الألومنيوم الفائقة القوة المستخدمة في محطات القوى الكهربائية عام ١٩٥٧م. وفي الستينيات من القرن العشرين أصبحت العلب المصنوعة من الألومنيوم شائعة الاستخدام. أما اليوم فإن معظم علب المشروبات لها قاع وغطاء من الألومنيوم. كما أن بعض العلب يتم تصنيعها بشكل كامل من الألومنيوم. التطورات الحديثة. زاد الاحتياج للألومنيوم زيادة مطردة مع التطور المستمر في إيجاد استخدامات جديدة لهذا الفلز. ويحتاج إنتاج الألومنيوم بطريقة الاختزال بالتحليل الكهربائي إلى كميات هائلة من الكهرباء. وللمساعدة في

توفير الطاقة، فإن صناع الألومنيوم يبذلون جهداً كبيراً لإعادة تصنيع العلب المصنوعة من الألومنيوم، وغير ذلك من الألومنيوم المستعمل. وإعادة صهر هذه المواد المستعملة لإنتاج ألومنيوم جديد يستهلك أقل من ٥% من الطاقة اللازمة لإنتاج الألومنيوم من خام البوكسيت. كما أن إعادة استخدام الألومنيوم أوفر من استخراجه من خام البوكسيت. ويوجد في العالم من خام البوكسيت ما يكفي لفترة لا تقل عن ٢٠٠ إلى ٣٠٠ عام. ويوجد حوالي ٧٥٪ من المعدن الخام في الدول التي تتبع رابطة البوكسيت العالمية التي كانت تضم حتى أوائل التسعينيات من القرن العشرين ١١ دولة هي: أستراليا وجمهورية الدومينيكان وغانا وغينيا وغيانا وهايتي وإندونيسيا وجامايكا وسيراليون وسورينام ويوغوسلافيا. وقد تكونت هذه الرابطة عام ١٩٧٤م بغرض زيادة دخل الدول الأعضاء من عائدات مناجم البوكسيت. وحددت دول الرابطة سعر المعدن الخام الذي تصدره كما زادت الضرائب على البوكسيت المستخرج من بلادها بواسطة المؤسسات الأجنبية. ونظراً للإجراءات التي اتخذتها رابطة البوكسيت العالمية فإن صناع الألومنيوم يعملون على تطوير طرق غير مكلفة للحصول على الألومينا من مواد أخرى. وتشمل هذه المواد الأخرى أنواعاً من الصلصال ومواد خام مثل الألونيت والأورثوسيت والداوسونيت وسينتيت النفيلن، ومخلفات مناجم الفحم. وقد استخدم الألونيت وسينتيت النفيلن لإنتاج الألومينا تجارياً.



تعليقات