لماذا كانت الإمبراطورية الرومانية المقدسة تعاني من الضعف طوال فترتها التي امتدت ألف سنة تقريباً

 

الإمبراطورية الرومانية المقدسة قامت عام ٩٦٢م، غربي ووسط أوروبا واتخذت من ألمانيا قاعدة لها، واستمرت حتى عام ١٨٠٦م. وكانت متصلة بالكنيسة الكاثوليكية الرومانية، إلا أنها عانت كثيراً بسبب النزاعات بين أباطرتها والباباوات. وقد حكمت أسرة هابسبيرج هذه الإمبراطورية حوالي أربعمائة عام. ويتفحص بعض العلماء أصول هذه الإمبراطورية فيقولون إنها بدأت بالإمبراطورية التي أسسها الحاكم

شارلمان والتي كانت تضم معظم أراضي ما يعرف الآن بفرنسا وألمانيا وإيطاليا. توج البابا ليو الثالث عام ٨٠٠م شارلمان إمبراطورًا على الرومان، إلا أن الإمبراطورية تداعت بعد موته عام ٨١٤م. وفي منتصف القرن العاشر الميلادي، بسط أوتو الأول ملك ألمانيا سلطانه على معظم شمال ووسط إيطاليا. وفي عام ٩٦٢م دفع أوتو البابا جون الثاني عشر إلى تتويجه إمبراطورًا على ما أصبح يعرف في القرن الثالث عشر بالإمبراطورية الرومانية المقدسة.

مشكلات الإمبراطورية. واجهت الإمبراطورية منذ البداية مشكلات خطيرة. فكثيرًا ما تعرضت سلطة الإمبراطور للتحدي من جانب النبلاء الألمان الأقوياء والباباوات غير الموالين. وازدادت مصاعب الإمبراطور سوءًا لأنه كان يجري اختياره بالانتخاب. وغالبًا ما كان النبلاء الأقوياء يتنازعون في نتائج الانتخابات حتى منتصف القرن الخامس عشر الميلادي. وقادت هذه التحديات في بعض الأوقات إلى حرب أهلية. وقبل عام ١٥٠٠م، كان الاتساع الكبير لرقعة الإمبراطورية أحد الصعاب التي أضعفت قدرة الأباطرة على حكمها على نحو فعال.

وبدأت المشكلات مع الباباوات في منتصف القرن الحادي عشر الميلادي، عندما حاول كل من هنري الرابع، إمبراطور الروماني المقدس، والبابا جريجوري السابع، بسط سلطته على الآخر.

واستمر الصراع من أجل السلطة قائماً بين الأباطرة والباباوات حتى عام ١٢٥٠م عندما فاز البابا أنوسنت الرابع ودويلات المدن الإيطالية باستقلال كامل تقريباً عن الإمبراطورية. وخلال الصراع بين الأباطرة والباباوات، قوي نفوذ النبلاء الألمان. وقد تجلت القوة بصفة خاصة في الفترة ما بين عامي ١٢٥٠ و ١٢٧٣م. عرفت هذه الفترة باسم إنترجنيتم، وتعني خلو العرش من ملك أو حاكم. إذ لم يكن هناك إمبراطور على الإطلاق. وبعد استئناف انتخابات اختار الإمبراطور اختيار النبلاء استمرار تتابع الحكام الضعفاء في معظم الحالات لما يقرب من مائة وخمسين عاماً. عائلة هابسبيرج. أصبح ألبرت الثاني من عائلة هابسبيرج الإمبراطور الروماني عام ١٤٣٨م. وقد حكمت عائلة هابسبيرج حتى عام ١٧٤٠م. ثم حكم مرة أخرى من عام ١٧٤٥ حتى ١٨٠٦م. وقد اكتمل الكثير من مؤسسات الإمبراطورية خلال السنوات الأولى من حكم عائلة هابسبيرج. وقد شملت هذه المؤسسات قيام هيئة تشريعية ومحاكم ونظام عسكري. وفي النصف الأول من القرن السادس عشر الميلادي، تولى الإمبراطورية تشارلز الخامس، وهو أقوى حاكم أوروبي بعد شارلمان، إلا أنه فقد الكثير من نفوذه في نهاية الأمر. وكان السبب في ذلك هو الإصلاح البروتستانتي الذي قسم ألمانيا إلى جماعات بروتستانتية وكاثوليكية رومانية متنافسة. وتوالى انهيار قوة عائلة هابسبيرج، نتيجة لخسائر حرب الثلاثين عاما (١٦١٨-١٦٤٨م)، وقيام دولة بروسيا الألمانية القوية خلال القرن الثامن عشر الميلادي. كما زادت الهزيمة على يد الجيوش الفرنسية خلال الثورة الفرنسية وما بعدها (١٧٨٩-١٧٩٩م) من ضعف قوة عائلة هابسبيرج. وفي عام ١٨٠٦م، وبعد أن هزمت فرنسا عائلة هابسبيرج، أعلن الإمبراطور فرانسيس الثاني نهاية الإمبراطورية الرومانية المقدسة.

تعليقات