ما الإمبريالية وهل لها فوائد ؟

 




الإمبريالية السياسة أو الأعمال التي تقوم بها دولة للسيطرة على دول أخرى أو على أراض أخرى. وتتم مثل هذه السيطرة في الغالب بطرق عسكرية لأهداف سياسية واقتصادية. وتسمى مثل هذه السياسة أيضاً بالسياسة التوسعية. فالدولة التوسعية التي تحتل بلداناً خارجية تتبنى سياسة استعمارية. انظر: الاستعمار. والدولة الإمبريالية تهدف في المقام الأول إلى الحصول على أسواق لصادراتها، وكذلك على مصادر رخيصة للعمالة وللمواد الخام. فالإمبريالية المتزامية الأطراف تعطي شعوراً بالرضا بالمكانة الدولية لتلك الدولة، أو المكانة الإستراتيجية التي تطمح إليها. وقد أثر ظهور الإمبراطوريات واندثارها على تاريخ العالم. ومن بين هذه الإمبراطوريات فارس وروما والإمبراطورية البيزنطية وبريطانيا وألمانيا النازية. ولقد كانت الإمبريالية سبباً رئيسياً في العديد من الحروب والتوسعات الإقليمية وكذلك في التبادل الثقافي.

نبذة تاريخية. كان من أوائل من بنى إمبراطوريات في الشرق الأوسط منذ مدة تتراوح بين ٢٠٠٠ و٤٠٠٠ سنة مضت، سرجون الأكادي، ثم تبعه المصريون والآشوريون والبابليون والفرس. ومع بداية العهد النصراني، كان الرومان قد بنوا إمبراطورية ضخمة امتدت من آسيا الصغرى إلى فرنسا وبريطانيا. لكن الجزء الغربي من الإمبراطورية تحطم في القرن الخامس الميلادي، بينما

استمر الجزء الشرقي من الإمبراطورية البيزنطية، حتى ١٤٥٣م، حيث سقطت بيزنطة في يد الأتراك العثمانيين، الذين بنوا بدورهم دولة قوية كانت تضم أجزاء من الشرق الأوسط وجنوب شرقي أوروبا وكذالك شمالي إفريقيا. انظر: الإمبراطورية البيزنطية؛ العثمانية، الدولة. أما الجزء الغربي من الإمبراطورية فقد نفخت فيه الروح اسماً فقط، بالإمبراطورية الرومانية المقدسة التي حكمت معظم وسط أوروبا من ٩٦٢-١٨٠٦م. انظر: الإمبراطورية الرومانية المقدسة. وكان المغول، وهم شعب آسيوي، قد بنوا أكبر إمبراطورية في التاريخ في القرن الثالث عشر الميلادي، وامتدت هذه الإمبراطورية من جنوب شرقي آسيا حتى شرقي أوروبا. أما الدول الأوروبية الحديثة فقد احتلت مستعمرات، بين القرنين الخامس عشر والسادس عشر الميلاديين، وكان من أهدافها أيضاً نشر النصرانية والبحث عن أسواق ومواد خام. وعلى سبيل المثال، ظهرت البرتغال آنذاك كإمبراطورية تجوب بحريتها شواطئ المحيط الهندي وشواطئ جنوب شرقي آسيا. كما أسست أسبانيا مستعمرات فيما يعرف اليوم بأمريكا اللاتينية وجنوبي الولايات المتحدة. وبحلول القرن الثامن عشر الميلادي، كان البريطانيون والفرنسيون والهولنديون قد استعمروا معظم أمريكا الشمالية. كما سيطر الهولنديون على جزر الهند الشرقية (إندونيسيا)، أما البريطانيون فبدأوا احتلالهم للهند. وبحلول منتصف القرن التاسع عشر الميلادي، كانت معظم المستعمرات في العالم الجديد قد رفضت الحكم الأجنبي عن أكتافها، إلا أن بريطانيا وبعض القوى الأوروبية استمرت في المحافظة على إمبراطوريات غير رسمية، أي دون وجود حكومة استعمارية وإنما بالتحكم في السياسات التجارية للمستعمرات الأسبانية السابقة، وعن طريق خلق علاقات تجارية جديدة مع عدد من بلدان آسيا وأفريقيا. وتسمى نهاية القرن التاسع عشر الميلادي عصر الإمبريالية. فخلال تلك الحقبة، كانت كل من بلجيكا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا وإيطاليا والبرتغال وأسبانيا قد اقترضت معظم إفريقيا. كما أن الدول الأوروبية احتلت مناطق شاسعة من جنوب شرقي آسيا وجزر جنوب المحيط الهادئ. أما أسبانيا فقد تخلت عن حكم كل من غوام وبورتوريكو والفلبين لصالح الولايات المتحدة بعد خسارتها الحرب الأسبانية الأمريكية (١٨٩٨م). وكان التنافس حاداً بين الدول الأوروبية من أجل المستعمرات والتجارة الخارجية، وأثر ذلك في توتر العلاقات الدولية. وقاد هذا التوتر إلى الحرب العالمية الأولى التي بدأت عام ١٩١٤م،

وكان سبباً من أسباب نشوبها. انظر: الحرب العالمية الأولى.

وخلال ثلاثينات القرن العشرين، حين كان أدولف هتلر يحكم ألمانيا، بدأت ألمانيا برنامجاً من أجل التوسع في أوروبا وحصلت على أراض عن طريق المفاوضات وعن طريق الاحتلال العسكري. وفي آسيا، كانت اليابان قد ضمنت منشورياً إليها، وبدأت في حرب ضد الصين. وخلال فترة وجيزة من الحرب العالمية الثانية (١٩٣٩-١٩٤٥م)، كان لليابان إمبراطورية ضخمة في المحيط الهادئ، كما كانت ألمانيا تحتل معظم أوروبا وشمالي إفريقيا. ومع خسارة ألمانيا واليابان الحرب عام ١٩٤٥م، فإنهما خسرتا مستعمراتهما الخارجية. وانتهت في الخمسينات وبداية الستينات من القرن العشرين حركة الاستعمار الضخمة. فقد كانت معظم الدول الأوروبية تعاني من آثار الحرب العالمية الثانية، ولم يكن لديها المال أو التطلع لحكم مستعمرات تبعد عنها آلاف الكيلومترات. وبالإضافة إلى ذلك فقد كانت شعوب تلك المستعمرات تطالب وتلح في الحصول على استقلالها. واليوم لا يوجد سوى بعض المستعمرات المتفرقة على شكل جزر في البحر الكاريبي والمحيط الهادئ. ولكن الولايات المتحدة وبعض الدول الكبرى تعطي مساعدات اقتصادية وعسكرية لمستعمراتها السابقة. ويقول بعض الناقدين إن هذه المساعدات ليست إلا ضرباً من ضروب الإمبريالية لأنها تقود إلى التحكم في سياسات واقتصاد تلك البلدان.

الدوافع. هناك عدد من النظريات تحاول أن تبين الدوافع والأسباب خلف الظاهرة الإمبريالية. وأهم تلك النظريات المعروفة هي نظرية العوائد الاقتصادية التي تقف كدافع خلف الاستحواذ على مستعمرات خارجية. فالدول الصناعية تنتج سلعا صناعية أكثر مما تحتاج، أو ما يستطيع شعبها شراءه. لذا فإن المستعمرات تصبح سوقاً للسلع الفائضة، كما يمكن أن تقدم أراضي رخيصة ومواد خام نادرة، وكذلك فرصاً لاستثمار فائض رأس المال. ولكن هذه النظرية لا تشرح بشكل كامل الظاهرة الاستعمارية، لأن العديد من المستعمرات لم تكن مجزية اقتصادياً. أما الاستراتيجية العسكرية فتمثل بعداً مهماً للأنشطة الاستعمارية. فمنذ قدم الزمان، كانت الدول تضم الأراضي القريبة من حدودها لتحمي نفسها من الهجوم الخارجي. وتشغل هذه الأراضي مناطق عازلة. وفي نهاية القرن التاسع عشر الميلادي، كانت القوى الأوروبية تقيم المستوطنات في جميع أنحاء العالم لخدمة سفنها الحربية والتجارية، ولتقديم المؤن إليها.

كما أن الإمبريالية تأخذ دوافعها من تعاظم الشعور الوطني أو الديني أو من الشعور بالتعالي الثقافي والعرقي. وفي نهاية القرن التاسع عشر الميلادي، كانت القومية قد هيمنت على معظم البلدان الأوروبية. وشعر أناس كثيرون بأن عظمة أمتهم تعتمد على مساحة وطنها. لذا فإنهم شجعوا التوسع ورفع أعلام دولهم على أراض أجنبية. كما أن بعض الأوروبيين اعتقدوا - باطلاً - بأن شعوب آسيا وإفريقيا ينحدرون من أعراق وضيعة. وقد أثر تأثير التقدم الصناعي في تلك البلدان على تأكيد هذه النظرة العنصرية. وكان هناك العديد من التوسعيين الذين كانوا يشعرون بأنهم قد ابتعثوا إلى هذه الأراضي الجديدة لنشر النصرانية ومحاسن الثقافة الأوروبية.

الآثار. هناك بعض الفوائد التي تعطيها الدولة الحاكمة للمستوطنات الداخلة في إمبراطوريتها. فقد بنى المستعمرون على سبيل المثال، طرق اتصالات ومواصلات جديدة، كما بنوا جامعات وأدخلوا الخدمات الصحية الحديثة. ومع ذلك فإن هناك العديد من الدول الاستعمارية التي استغلت الموارد الطبيعية لتلك المستوطنات، دون تقديم عائد اقتصادي لمعظم تلك الشعوب على نحو ما فعلت بريطانيا في مصر وغيرها من البلدان وفرنسا في الجزائر بخاصة وأسبانيا في بلدان أمريكا اللاتينية وغيرها. كما أن إدارات الحكم الاستعماري لم تحترم كثيراً من العادات والثقافات والقيم المحلية، بل سعت إلى إزالة أنماط الحياة التقليدية في تلك البلدان. وتمثل هذا الجانب فرسا التي كانت تجيد الاستعمار الثقافي فتسعى بكل سبل إلى القضاء على ثقافة مستعمراتها وتقيم على أنقاضها ثقافة فرنسية كاملة، وقد نجحت في ذلك إلى مدى ملحوظ في البلدان التي كانت تحت نير استعمارها.

تعليقات