إليزابيث الأولى (١٥٣٣ - ١٦٠٣م). ملكة إنجلترا من عام ١٥٥٨م وحتى وفاتها عام ١٦٠٣م. يُطلق على فترة حكمها اسم العصر الذهبي أو العصر الإليزابيثي؛ وذلك بسبب الإنجازات التي تحققت فيه. جعلت إليزابيث المذهب البروتستانتي المذهب المعتمد في كنيسة إنجلترا الرسمية، وتجنبت في الوقت نفسه عداء الشعوب الكاثوليكية الرومانية في أوروبا. هزمت البحرية الإنجليزية في عهدها الأرمادا الأسبانية القوية، كما استطاع التجار والملاحون مناجزة الأسبان بثقة كبيرة في جميع أنحاء العالم. وازدهر الاقتصاد، كما كان البلاط الملكي مركزاً للعلماء والشعراء والموسيقيين.
نشأتها. ولدت إليزابيث في جرينيتش، وهي قرية قرب لندن. وأبوها هو الملك هنري الثامن وأمها آن بولين، زوجته الثانية التي نفذ فيها حكم الإعدام عام ١٥٣٦م بتهمة خيانة الوطن. بعد موت أبيها الملك هنري في عام ١٥٤٧م، خلفه في الحكم أخوها من أبيها إدوارد السادس الذي نشأ بروتستانتياً كأخته إليزابيث. وعندما توفي في عام ١٥٥٣م، خلفته في الحكم أخته من أمه ماري تيودور. كانت ماري ملكاً كاثوليكية فجعلت مذهب الأمة الإنجليزية كاثوليكياً. وكانت تضطهد الفئة البروتستانتية حتى عُرفت باسم السفّاكة ماري.
كانت الملكة ماري تسيء الظن بإليزابيث التي كانت ستترشح بعدها للحكم، بينما كانت إليزابيث تتجنب بشدة التدخل في الأمور السياسية خلال فترة حكم ماري. ومع ذلك فقد وقعت إليزابيث ضحية الظن في عام ١٥٥٤م بعد الثورة المعروفة باسم ثورة وايت، التي فشل فيها الثوار في الإطاحة بحكم ماري. واعتقلت إليزابيث رغم عدم ثبوت أي أدلة تدينها بالاشتراك في الثورة. وعندما توفيت ماري عام ١٥٥٨م أصبحت إليزابيث الملكة.
مشكلاتها في الداخل والخارج في بداية حكمها؛ فقد ورطت ماري إنجلترا قبل عام من وفاتها في حرب مع فرنسا، بينما كانت القوات البروتستانتية المقاتلة في أسكتلندا وفرنسا وهولندا تناشد إليزابيث الدعم. ولكن اقتصاد إنجلترا كان فقيراً وخزينة الدولة تشكو من قلة الإيرادات لتعقيداتها الكالفندبية للدويلة.
وكان على الملكة إليزابيث أن تقرر بهدوء ودون عنف هل ستكون ديانة الدولة كاثوليكية أو بروتستانشية. استطاعت إليزابيث بمساعدة البرلمان وكبير المستشارين، السير وليم سيسيل، إنهاء الحرب مع فرنسا. وأمدت أهالي أسكتلندا البروتستانت بالمال والسلاح سراً. كانت إليزابيث تأمل في إرضاء غالبية شعبها واعتماد مذهب الكنيسة البروتستانتية. وبعد الاستقرار الديني في عام 1559م، أصدرت القانون الأعظم الذي قرر إعادة كنيسة إنجلترا التي أسسها هنري الثامن، وحاولت ماري أن تلغيها. وهذه الكنيسة مستقلة عن الكنيسة الكاثوليكية الرومانية ولكنها تتفق معها في بعض الأمور. وقد أقر القانون كتاباً جديداً للصلاة وفرض استعماله. ولم تتزوج إليزابيث مطلقاً، واستفادت من وضعها كعزباء في سياستها الخارجية. فقد رحبت بالخطاب الكاثوليك، والبروتستانت ولكنها لم ترتبط بأحد. ولأنها لم تتزوج من البروتستانت فقد شجعت رعاياها الكاثوليك، على الحفاظ على موالاتهم لها. وكان لمجاملتها للخطاب الكاثوليكي أثره في منع ملك أسبانيا فيليب الثاني الكاثوليكي الأصل، من القيام بأي تدخلات حربية مباشرة ضد إنجلترا طيلة سنوات عدة، كسبت خلالها إنجلترا الدعم الشعبي.
ماري ملكة أسكتلندا. هي ماري ستيوارت، ابنة عم إليزابيث، أُجبرت على التخلي عن حقها في حكم
ماري ملكة اسكتلندا. هي ماري ستيوارت، ابنة عم إليزابيث، أُجبرت على التخلي عن حقها في حكم اسكتلندا في عام 1567م. وهربت بعد ذلك إلى إنجلترا، حيث سبب وجودها اضطراباً كبيراً، لأن غالبية الشعب الإنجليزي يخاف أن تحل ماري الكاثوليكية ووريثة العرش الملكي الإنجليزي محل إليزابيث في الحكم. وقد قام نبلاء الكاثوليك بمؤامرات ضد إليزابيث باءت كلها بالفشل. وفي عام 1569م، شكلت الطبقة الأرستقراطية الإنجليزية جمعية لحماية ملكتهم وتعهدت على منع تعاقب الحكام الكاثوليك في إنجلترا. واشتركت ماري عام 1586م، في مؤامرة أخرى ضد إليزابيث قابلها الشعب بسخط شديد. وفي عام 1587م، قتلت الملكة إليزابيث تنفذ حكم الإعدام في ماري.
الأسطول الحربي الأسباني. أرسلت إنجلترا في 1587م جيشاً للمساعدة البروتستانت في هولندا في قتال الحاكم الأسباني. كما شجعت السفن الإنجليزية على الإغارة على الأسطول الأسباني، فقام السير فرانسيس دريك، والسير رالي وملاحون آخرون عام 1587م، بنهب سفن أسبانية ودمر دريك ثلاثين سفينة أسبانية في البرتغال. وقد دفعت هذه الأحداث بالإضافة لإعدام ماري ستيوارت، الملك فيليب الثاني ملك أسبانيا، إلى غزو إنجلترا، فحشد أسطوله باتجاه إنجلترا عام 1588م. ولكن السفن البريطانية كما تتميز به من صغر حجمها وسرعة، تمكنت من هزيمة الأسطول الأسباني. ثم حطمت العواصف الهوجاء السفن الأسبانية الفارة عند شواطئ أيرلندا وأسكتلندا. ورغم أن القوة الأسبانية قد تحطمت بشدة، إلا أن الحرب استمرت بعد ذلك سنة عشر عاماً أخرى. وظل الكثير من الإنجليز يشعرون بالخوف من غزو أسبانيا لبلادهم، ولكن إليزابيث ألقت خطاباً على الجنود المتجمعين في تيلبري طمأنتهم به. انظر: الأرمادا الأسباني.
النهضة الفكرية. ازدهر الأدب الإنجليزي في هذه المرحلة ألف فرانسيس بيكون مقالاته الأدبية وكتب كريستوفر مارلو التاريخ المأساوي للدكتور فاوستوس. كما كتب إدموند سبنسر ملحمة الملكة الجنية وكتب وليم شكسبير أعظم قصائده ومسرحياته. انظر: الإنجليزي، الأدب؛ شكسبير، وليم.
السنوات الأخيرة. كانت المشكلات الداخلية في إنجلترا، السبب في إنهاء حكم إليزابيث، حيث تمرد الأيرلنديون، فساء الوضع الاقتصادي، مما جعل إيرل تسكن بنجح في الاستيلاء على ممتلكاتهم. إلا أنه لم ينجح في الوصول إلى السلطة. فقاد ثورة عام 1601م وسرعان ماقبض عليه بتهمة الخيانة وأعدم. وقد خلف إليزابيث في الحكم الكاثوليكي جيمس السادس ابن ماري ستيوارت.