بروست، مارسیل (1871 - 1922م). أحد أهم الروائيين الفرنسيين. تعد روايته الطويلة ذات السبعة فصول، البحث عن الزمن الضائع عملاً شهيراً، وهي مليئة بشخصيات مفعمة بالحيوية، وتعرض صوراً للمجتمع الفرنسي الراقي في مرحلة تطوره. كما أنها دراسة للحب والغيرة والزواج وشعور العزف، وتصف نمو الراوي مارسيل إلى فنان ناضج. وكذلك فإن مارسيل - فيما عدا مشهد واحد - مشارك ومراقب أيضاً. وهو يحكي قصته بصراحة وذكاء وحساسية وسخرية وفكاهة. وفي الرواية حوار مثير تتخلله ملاحظات أصيلة وعميقة حول الموسيقى والفن والكتابة والمسرح والنقد. وقد شبه بروست بناء الرواية بمقطوعة موسيقية تأتي ألحانها الرئيسية، ثم تغيب ثم تعود مرة أخرى.
الحقيقة عند بروست أمر محير. فهي تتغير باستمرار، لأن مرور الزمن لا يغير نظرته هو فحسب بل يغير طبيعته المتطورة أيضاً. ويعترف في النهاية بأن الحقيقة ليست خارجية، ولكنها شيء مخزون في أعماق ذاكرة اللاوعي لدى الإنسان. هناك تحفظ من تغييرات الزمن. لكنها لا تكون في المتناول إلا في لحظات نادرة وسعيدة. وبوسع الفنانين إماطة اللثام عن الحقيقة للبشر، لأن حساسيتهم تمكنهم من النفاذ إلى أغوار ذاكرة اللاوعي لديهم.
بدأ بروست كتابة البحث عن الزمن الضائع عام 1909م إلا أنه لم يجد ناشراً. نشر الجزء الأول منه عام 1913م.
1913م على نفقته الخاصة، واستقبله معظم الجمهور بدون اكتراث أو عداء، ولكن أُعجب به قراء ذوو حس أدبي. أدى مرض المؤلف، وظروف الحرب العالمية الأولى إلى تأخير نشر الأجزاء الأخيرة حتى عام 1918م. وقد راجع بروست الرواية باستمرار. ولم تطبع الأجزاء الثلاثة الأخيرة إلا بعد وفاته.
ولد بروست في باريس. وخلال التسعينيات من القرن التاسع عشر كتب قصصاً قصيرة، ومقالات في مجلات. واشتهرت كتاباته بأسلوب رشيق لكنه متكلف. وفي روايته جين سانتويل (1895 - 1899م) التي لم تكتمل وكان نشرها في عام (1952م) شخصيات وأحداث تفوق روايته الرئيسية. وكتابه قبالة القديس بوف مجموعة مقالات في النقد، ودراسات بروست للشاعر شارل بودلير والروائي جوستاف فلوبر، تكشف عن موهبته كناقد غربي ذي حس ونظرة ثاقبة في الفنون التي تقدمت كثيراً في زمانه.