كيف بدأت برلين وإلى أين انتهت

 





نبذة تاريخية

عاشت مجموعات من السلافين في موقع برلين الحالي، وذلك قبل حوالي ألفي عام تقريباً. وفي خلال القرن العاشر الميلادي توسعت الرقعة السكنية شرقًا إلى نهر الأودر، ونمت قرية برلين على شاطئ نهر سبري خلال القرن الثالث عشر الميلادي. أصبحت برلين مدينة مهمة في القرن الخامس عشر، لكنها تعرضت لدمار شديد، وأوبئة فتاكة في فترة حرب الثلاثين عامًا، التي امتدت بين عام ١٦١٨ - ١٦٤٨م.

"ازدهرت المدينة مرة أخرى على يدي فريدريك وليم، الذي حكم براندنبيرج من 1640م حتى عام 1688م. شجع فريدريك الصناعة وعمليات البناء، كما شيد أول قناة مائية تربط بين نهري سبري والأودر. أصبح ابنه، فريدريك الأول، ملكاً على بروسيا عام 1701م، وجعل برلين عاصمة له. وأصبحت برلين خلال القرن الثامن عشر مركزاً تجارياً وصناعياً كبيراً.

احتلت جيوش نابليون مدينة برلين من عام 1806 حتى 1809م، بعد خروج تلك الجيوش، عمت المدينة مرة أخرى وعادت عاصمة لبروسيا، ثم أصبحت عام 1871م عاصمة للإمبراطورية الألمانية التي أُعلنت في ذلك العام. ازداد عدد سكانها باطراد، ووصل إلى 3,730,000 نسمة عام 1910م.

انهارت الإمبراطورية الألمانية في نهاية الحرب العالمية الأولى (1918م) وحلّت محلها جمهورية أُبقيت برلين عاصمة للبلاد، فازدهرت المدينة مرة أخرى وتوسعت إلى أن أصبحت أكبر المدن الصناعية في أوروبا.

كادت الحرب العالمية الثانية تدمر برلين تماماً، وفقدت نسبة كبيرة من سكانها ومبانيها. وبعد انتهاء الحرب وهزيمة أدولف هتلر عام 1945م، تم تقسيم ألمانيا بين الحلفاء الأربعة: الولايات المتحدة الأمريكية، بريطانيا،"

فرنسا، الاتحاد السوفيتي السابق. وشمل التقسيم مدينة برلين نفسها فأصبحت موزعة إلى أربعة قطاعات، يخضع كل قطاع منها إلى سيطرة واحد من الحلفاء الأربعة، وهكذا أصبحت ألمانيا مقسمة إلى جزئين: 1- ألمانيا الغربية وتضم الأجزاء الخاضعة للولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا وفرنسا. 2- ألمانيا الشرقية وتضم الجزء الخاضع للاتحاد السوفيتي السابق. والذي أصبح في النهاية دولة مستقلة باسم ألمانيا الشرقية.

اعتبرت مدينة برلين حالة خاصة، ولذلك تم تقسيمها بين الحلفاء الأربعة على الرغم من وقوعها كليًا داخل ألمانيا الشرقية. لذلك كان لابد من الاتفاق على تحديد ممرات برية وجوية تربط قطاعات برلين الغربية بألمانيا الغربية، ثم بالعالم الغربي. هذا الوضع أدى إلى تعقيدات كثيرة في الفترة التي أعقبت الحرب، إذ قامت ألمانيا الشرقية عدة مرات بقطع بعض تلك الممرات، وإحداث حصار بري لبرلين الغربية كان هدفه الأساسي وقف هروب الألمان الشرقيين إلى الدول الغربية. ولتحقيق ذلك الهدف بكفاءة أكبر، قررت حكومة ألمانيا الشرقية بناء سور برلين، وبدأ البناء فعليًا في 13 أغسطس 1961م. لكن في نوفمبر 1989م، أعلنت حكومة ألمانيا الشرقية إنهاء كل الإجراءات المتعلقة بمنع السفر والهجرة إلى الدول الغربية، وتم بذلك فتح سور برلين أمام الراغبين في العبور.

تطورت الأحداث بعد ذلك بشكل إيجابي وانتهت بإعلان إعادة توحيد ألمانيا في أكتوبر 1990م، وأصبحت هناك دولة ألمانية واحدة، تدير شؤونها حكومة واحدة، وتتخذ من مدينة برلين عاصمة رسمية للدولة الجديدة.

طرائف المدينة: تُعّد برلين كمقاطعة مستقلة، ولقد تطور جزءها الغربي كثيرًا بعد الحرب العالمية الثانية، وأُنشئت فيه الطرق السريعة وناطحات السحاب والحدائق العامة لتحل محل الخراب الذي أحدثته الحرب العالمية الثانية. كذلك تم تحديث الجزء الشرقي من المدينة، ولكن بمستوى أقل كثيرًا.

أصبحت برلين الغربية مدينة حديثة تجتذب آلاف الزوار، وتتوسطها بوابة براندنبرج التي تُعتبر رمزًا تاريخيًا للمدينة، ولقد تم بناء تلك البوابة بين عامي 1788-1791م.

بعد تقسيم برلين، تبنت ألمانيا الغربية نظام الاقتصاد الحر، بينما تبنت ألمانيا الشرقية النظام الاشتراكي الخاضع تمامًا لسيطرة الدولة. وانتشرت برلين الغربية بسرعة شديدة، وأصبح اقتصادها مزدهرًا جدًا مع نهاية الخمسينيات من القرن العشرين، وعلى نقيض ذلك، انخفضت مستويات الحياة في برلين الشرقية، ومرور الزمن.

ازدادت الشقة بين برلين الغربية والشرقية، وزادت الفروقات في مستويات المعيشة. لكن تغيّر الموقف كثيرًا بعد إعادة توحيد ألمانيا، وظهر الكثير من النتائج الإيجابية لتوحيد اقتصاد الدولة بشقيها الغربي والشرقي.

تعتبر برلين مركزًا صناعيًا مهمًا. ويوجد فيها جامعة همبولدت، التي تعرف أيضًا باسم جامعة برلين، وقد تم إنشاؤها عام 1809م، ولذلك فهي أعرق جامعات المدينة. بجانب جامعة همبولدت، هناك جامعة برلين الحرة التي تمثل أكبر الجامعات في برلين. ويوجد أيضًا الكثير من مؤسسات التعليم العالي الأخرى، مثل أكاديمية الفنون، ومعهد الفنون التطبيقية، والجامعة التقنية. كذلك توجد في المدينة مكتبات عامة ضخمة مثل المكتبة الأمريكية التي تحوي حوالي مليون كتاب.

تشتهر المدينة بما تنظمه من معارض واحتفالات ومهرجانات للفنون والموسيقى والأفلام السينمائية. ويوجد فيها مطاران رئيسيان، بالإضافة إلى مطار حربي أمريكي وآخر بريطاني. وترتبط المدينة، بخطوط للسكك الحديدية والطرق السريعة، مع أجزاء كثيرة من قارة أوروبا، كما ترتبط بشبكة من القنوات المائية تصلها بالأنهار الرئيسية في ألمانيا.


تعليقات