أغسطس (٦٣ ق.م - ١٤ م). الاسم الذي أُطلق على غايوس يوليوس قيصر أوكتافيانوس (أو أوكتافيان) عندما أصبح أول إمبراطور روماني عام ٢٧ ق.م. ومعناه المجيد. وتحت حكم أغسطس، انتهت مرحلة الجمهورية الرومانية وبدأ عهد الإمبراطورية الرومانية. وكان نفوذ أغسطس بعيد الأثر لدرجة أنه دام ٢٠٠ عام تقريباً. وحققت روما مجداً عظيماً أثناء حكم أغسطس، وأصبحت الفترة تعرف باسم العهد الأوغسطي. وكانت هذه الفترة هي العصر الذهبي للأدب وفن العمارة الرومانيين. وفي خلال هذا العصر، عاش كتاب مشهورون، من أمثال فيرجيل وهوراس وأوفيد ولفي، تحت رعاية الإمبراطور. وكان أغسطس نفسه كاتباً عُرف بأسلوبه البسيط المباشر.
وفي عهد أغسطس، شيدت في روما كثير من الطرق والجسور والقنوات والأبنية الجميلة. وكان يتفاخر بالقول بأنه "وجد روما أجراً وتركها رخاماً". ولم يكمل الأبنية التي تركها عمه يوليوس قيصر غير مكتملة فحسب، ولكنه رمّم أيضاً كثيراً من المباني، من بينها 82 معبداً. وأبدع النحاتون، بأسلوب كلاسيكي، كثيراً من الأعمال لتزيين مبانيه.
ولد أوكتافيان في روما، وكان اسمه الأصلي غايوس أوكتافيانوس. وحمل اسم "غايوس يوليوس قيصر أوكتافيانوس" عام 44 ق.م، بعد مقتل عمه الشهير يوليوس قيصر. وكان قيصر قد تبنى أوكتافيان في وصيته، وجعل الشاب ذا التسعة عشر ربيعاً وريثاً له. عاد أوكتافيان إلى روما من أبولونيا، التي تعرف اليوم باسم ألبانيا، للمطالبة بميراثه. وساعده الخطيب شيشرون في إضفاء الصفة القانونية على تبنيه بالرغم من اعتراضات مارك أنطوني النائب الأول لقيصر الذي استولى على أوراق قيصر وأمواله.
الصعود إلى السلطة
سيطَر أنطوني على روما بعد موت قيصر. ولكن أوكتافيان كون جيشاً من محاربي قيصر القدامى، وهزم أنطوني في شمالي إيطاليا عام 43 ق.م، وأرغم أوكتافيان مجلس الشيوخ على انتخابه واحداً من قنصلي روما (المسؤولين الحكوميين الرئيسيين). وتوصل إلى اتفاقية مع أنطوني. وشكل الاثنان مع ماركوس ليبيدوس (؟ - 13 ق.م)، وهو جنرال روماني، الحكومة الثلاثية الثانية، وقد قتلوا أكثر من 200 من الأعداء، بما في ذلك شيشرون، الذي تصادق مع أوكتافيان ولكنه كان مكروهاً من أنطوني.
قاد أوكتافيان وأنطوني جيشاً ضد بروتس وكاسيوس، المتآمرين الذين قتلوا قيصر. وبفضل قيادة أنطوني، هزم الجيش القتلة في فيليبي بمقدونيا عام 42 ق.م، وأصبح
أو أوكتافيان حاكماً للولايات الغربية، وأنطوني حاكماً للولايات الشرقية. وعين ليبيدوس الضعيف في إفريقيا، لكن أوكتافيان سرعان ما أرغمه على الاعتزال.
وقد كان ثمة عدو آخر لأوكتافيان، هو بومبي الأصغر، الذي سيطر على صقلية، ولكنه هزم عام ٣٦ ق.م. على يد ماركوس أجريبا، قائد جيش أوكتافيان ومستشاره الرئيسي.
وفي عام ٤٠ ق.م.، تزوج أنطوني من أوكتافيا، شقيقة أوكتافيان، ولكنه هجرها فيما بعد بسبب كليوباترا، ملكة مصر. وكان الرومان يخشون كليوباترا، ويمقتونها. وعندما أعطى أنطوني الولايات الرومانية إلى أبنائه منها، شن أوكتافيان الحرب على أنطوني وكليوباترا.
وفي عام ٣١ ق.م.، دحر أجريبا، وكان أيضاً أميرالاً أسطولي أنطونيو وكليوباترا الموحدين عند أكتيوم على الساحل الغربي لليونان. وخلال العام، انتحر كل من أنطوني وكليوباترا.
وفي عام ٢٧ ق.م.، أقر مجلس الشيوخ إطلاق لقب أوغسطس على أوكتافيان، كما منحه السلطة الشرعية لإدارة أمور روما فيما يتعلق بالشؤون الدينية والمدنية والعسكرية، مع اعتبار مجلس الشيوخ هيئة استشارية.
إنجازات أغسطس
أعاد أغسطس السلام والنظام بعد مئة عام من الحرب الأهلية، وحافظ على حكومة نزيهة ونظام نقدي مستقر، وعمل على ازدهار التجارة الحرة بين الولايات. كما طور نظامًا بريدياً فعالاً، وحسن المرافق وأسس المستعمرات. ووسع نظام الطرق المتطور الذي ربط روما بالأجزاء النائية من الإمبراطورية.
وأعطى أغسطس مجلس الشيوخ إدارة الولايات الأكثر هدوءاً، ولكنه احتفظ بالسيطرة على الولايات الحدودية، التي كانت تحتاج إلى الحماية والتهدئة. واستخدم جيشاً دائماً من أجل هذه المهمة. واحتفظ أيضاً بأسطول دائم في البحر الأبيض المتوسط، وحرس قابل للعدد في روما عُرف باسم الحرس الإمبراطوري.
وسع أغسطس الإمبراطورية، ولكنه كان أكثر اهتماماً بالسلام منه بالحرب. وكان يحارب فقط عند الضرورة. وحقق قادته أجريبا وتيبريوس الانتصارات في كل من إسبانيا وبلاد الغال (فرنسا الآن). وفي بانونيا ودلماتيا (اللتين تشكلان الآن أجزاء من المجر ويوغوسلافيا). واستولى أغسطس على مصر، وعمل على تهدئة الأوضاع في إسبانيا والغال وكذلك معظم أنحاء جنوب شرقي أوروبا حتى نهر الدانوب.
وفي عام 9 ق.م، هُزم ألمان جيشه في معركة غابة تويتوبورغ، المعروفة اليوم باسم ألمانيا. ونتيجة لذلك، أُرجعت الحدود الرومانية في ألمانيا من نهر الألب إلى نهر الراين.
كان أغسطس رجل دولة رزيناً وحذراً، ولكنه عرف كيف يكسب حب الشعب. وبعد موته، ألّهه شعب الإمبراطورية الرومانية. ويمكن أن تشاهد في روما بقايا ضريحه وبقايا كثير من مبانيه.