"رجاء جارودي":
جارودي، رجاء (1331هـ - ، 1913م - ). فيلسوف فرنسي مسلم تخصص في بحوث الحضارة والتاريخ والأدب وعلوم الإنسان. ولد روجيه جارودي (وهو اسمه الأصلي) بمدينة مرسيليا بفرنسا. حظي بالدراسة على نفقة الدولة لتفوقه في جميع مراحل التعليم حتى أتم الدراسة الجامعية. حصل على مرتبة أستاذ شرف بالفلسفة عام 1936م، وحصل على درجة الدكتوراه في الأدب من جامعة السوربون بباريس. وفاز بميدالية شرف لمقاومته الفاشية الهتلرية بين عامي 1941 و 1944م. كما كان عضواً في مجلس الشيوخ الفرنسي في الفترة من عام 1946 حتى عام 1960م، ورئيساً للجنة الثقافية الوطنية من عام 1946 حتى عام 1958م. أسس المعهد الدولي للحوار بين الحضارات في باريس - فرنسا. وهو عضو في أكاديمية المملكة المغربية، وفي المجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية في الأردن. اعتنق الإسلام في شهر رمضان عام 1402هـ، وأعلن ذلك بنفسه في المؤسسة الثقافية بجنيف. ألف إضافة لرسالته "الدور التاريخي للحضارة العربية"، خمسة وثلاثين كتاباً، منها: إنذار إلى الأحياء؛ حوار بين الحضارات؛ كيف صار الإنسان إنساناً؛ الإسلام يسكن مستقبلنا؛ وعود الإسلام؛ القضية الإسرائيلية؛ كشف السياسة الصهيونية. اتهم جارودي بالعنصرية، وغرمته محكمة فرنسية 120 ألف فرنك فرنسي في فبراير 1998م، بعد أن نشر كتاب "الأساطير المؤسسة لدولة إسرائيل" (1995م). وقد نفى جارودي في كتابه المزاعم الصهيونية التي ادعت تعرض اليهود للإبادة الجماعية في أوروبا قبل منتصف القرن العشرين. وقد أثارت محاكمة جارودي ضجة واسعة لأنها كانت المرة الأولى التي تنتهك فيها حرية التعبير في فرنسا منذ اندلاع الثورة الفرنسية (1789م). حاز جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام عام (1406هـ، 1986م).
معلومات مشوقة عن رجاء جارودي:
المناضل السجين: لم تكن مقاومته للفاشية مجرد شعارات، بل اعتقلته حكومة "فيتشي" الموالية للنازيين ونُفي إلى معسكرات الاعتقال في الجزائر (الجلفة) لمدة ثلاث سنوات، وهناك احتك بالمسلمين لأول مرة وشاهد شجاعتهم، وهو ما زرع البذرة الأولى لإعجابه بالإسلام.
التحول العظيم: جارودي لم ينتقل من المسيحية إلى الإسلام مباشرة، بل كان أحد أهم قادة الحزب الشيوعي الفرنسي وعضواً في مكتبه السياسي، ووصفه البعض بأنه "عقل الشيوعية في فرنسا"، ومع ذلك كان يملك الشجاعة الفكرية لينتقد الجمود الماركسي ويبحث عن الروحانية حتى اهتدى للإسلام.
محاكمة القرن الفكرية: عندما حوكم في التسعينيات بسبب كتابه، لم يدافع عنه المحامون فقط، بل تضامنت معه شخصيات عالمية واعتبروا محاكمته "اغتيالاً لحرية البحث العلمي"، وقد أثبت للعالم وقتها وجود "خطوط حمراء" في الغرب لا يُسمح بتجاوزها حتى تحت مسمى حرية التعبير.
علاقة حب مع الشرق: قضى جارودي جزءاً كبيراً من حياته في دراسة العمارة والفلسفة الإسلامية، وكان يرى أن الغرب "أحدب" فكرياً لأنه يعتمد على عقل بلا روح، وكان يدعو دائماً إلى "حوار الحضارات" بدلاً من صراعها، مؤكداً أن المستقبل لن يستقيم إلا بالقيم التي يحملها الإسلام.