لماذا تحول هونغ إلى المسيحية وزعم انه أخو المسيح؟ ولماذا أراد القضاء على حكام الصين؟

 





هونغ ( شيو تشوان ) (١٨١٤ - ١٨٦٤)

زعيم ثوري صيني (١٨١٤ - ١٨٦٤ ) يلفظ اسمه احياناً جونغ هسيو تشوان ، قاد ثورة ( التايبنغ ) Taiping المسلحة (١٨٤٨ - ١٨٦٤ ) التي انتشرت في جنوب الصين والتي كانت تهدف الى اسقاط حكم اسرة « المانشو » الامبراطورية

ولد هونغ شيو تشوان Hung Houi-chuan ( وتكتب احياناً Hong Xiu quan ) في أول كانون الثاني ( يناير ( ۱۸۱٤ لأسرة من الفلاحين الفقراء من قبيلة ( الهاكا ، Hakka ) ومعناها الضيوف المستوطنين ( في إقليم ( كوانفتونغ » في جنوب الصين ، وهي قبيلة هاجرت من شمال الصين الى جنوبها في القرن الرابع الميلادي ، ولها لغتها الخاصة

الصين ( الكانتونيين ) ، ولهذا فإن هذه القبيلة خاضت صراعاً مريراً من أجل استمرار الحياة في المناطق الجنوبية، وتعتبر متميزة بالشجاعة والشدة والروح القومية العالية المناهضة لأسرة الماتشو الحاكمة

ولهذا لم يكن من الغريب أن ينتمي معظم زعماء ثورة ( التايبنغ ) ومنهم هونغ شيو تشوان الى الهاكا ، . وقد عرف عنه انه كان طفلاً و موهوباً ، ، ولهذا حرصت أسرته على بذل تضحيات مادية كبيرة كي تتمكن من الحاقه بالمدرسة ، ولم يكن ذلك قبل بلوغه سن الرابعة عشرة. وقد بذل هو ايضاً جهداً ذاتياً في تعليم نفسه . وفي العام ١٨٣٤ أصبح معلماً في احدى القرى. وحاول هونغ عدة مرات اجتياز الامتحانات الرسمية التي تؤهله للعمل في احدى وظائف الجهاز الاداري الحكومي ، ولكنه أخفق في كل المرات .

وفي العام ۱۸۳۷ ، وفي مدينة « كانتون ، وقع في يد هونغ بالمصادفة كتيب صغير باللغة الصينية أصدرته احدى الارساليات البروتستانتية المسيحية المنتشرة في الصين ، وفي الجنوب بوجه خاص . ولم يهتم هونغ بهذا الكتيب في بداية الأمر، ولكن قرأه باهتمام في فترة تالية

ففي العام ۱۸۳۸ - وبعد اخفاق آخر في امتحانات الدولة - أصيب بمرارة وخيبة أمل عميقتين ، وعاني من أزمة نفسية حادة يقال انها دامت أربعين يوماً ، فقد خلالها الوعي ، وانتابته رؤى مرضية كان يظهر له فيها رجل طاعن ومعه ابن له ، واعتقد ان الرجل ابوه والأبن شقيق له . وعندما أفاق من هذه الحالة قرأ كتيب البعثة التبشيرية المسيحية بعناية ، وخرج باعتقاد بأن الرجل الطاعن في السن هو الرب ، وابنه هو السيد المسيح ، وهكذا اعتقد انه هو أيضاً ابن الرب ، وان السيد المسيح شقيقه ، وأن الله قد عهد اليه برسالة خاصة هي أن يدمر شياطين الأرض وان يقيم مملكة الرب .

اتخذ هونغ من هذه الرؤى ذريعة عملية للدعوة لاسقاط حكم اسرة و المانشو ، ولإقامة نظام سياسي

واجتماعي جديد ، بهدف انزال مملكة الرب على الأرض

وتلقى هونغ تعليماً مسيحياً لمدة شهرين اثنين لدى بعثة تبشيرية اميركية في كانتون في العام ١٨٤٧ ، ولكن المؤرخين يجمعون على انه لم يتوصل الى فهم سليم للمسيحية ، وكان اكثر تعلقا بمضمون و العهد القديم . . وكان هونغ وأتباعه يكتبون كلمة الرب ) على قطعة من الورق ويركعون أمامها ويمارسون طقوساً أقرب للعبادات الصينية القديمة

ويعتقد بعض المؤرخين ان هونغ افتعل قصة الرؤوس الغيبية لكي يكسب الثقة وليؤثر بالآخرين بدعوته السياسية ، وقد اعلن هونغ وأتباعه في العام ١٨٤٧ أنهم و عباد الله ، . واستطاع ان يجمع حوله عدة آلاف من المريدين ، معظمهم من فقراء الفلاحين من قبيلة ( الهاكا ، ومن قبائل أخرى غير صينية مثل المياو » و « الياو ، ، وانضمت الى حركته عدة حركات ومنظمات سرية أخرى من مناطق مختلفة ، بعد ان خاضت هذه الحركات والمنظمات معارك مسلحة ضد أتباع هونغ ولقيت الهزيمة امامهم . وهكذا امتزجت الأفكار الدينية ( المسيحية كما كان هو يفهمها ) والأفكار القومية والاجتماعية لتشكل معاً

نقطة انطلاق واحدة لثورة التايبنغ

وقد بدأ هونغ ثورته في العام ١٨٥٠ حيث دعا جميع و عباد الله ، الى حمل السلاح المقاومة قوات الحكومة . ولكي يضمن ارتباط اتباعه به ارتباطاً کاملاً فإنه أحرق منازلهم وجعل كل ممتلكاتهم المنقولة ملكاً مشاعاً ، وبهذه الاجراءات اكتسب تأييداً قويا لدى الفلاحين الفقراء ، وخاصة من « الهاكا » . وخلال وقت قصير بلغ عدد أتباعه ١٠ آلاف شخص . وفي العام ١٨٥١ أعلنوا هونغ بالاجماع و الملك السماوي ) ( المملكة السلام العظيم السماوية ) . ومن هنا كانت تسمية ، التايبنغ ) ومعناها ( المملكة السماوية ، . ومارس أتباع الحركة الاساليب والعادات التي كانت سائدة قبل حكم أسرة المانشو ، حتى في ملابسهم وطريقة قص شعورهم . ثم تمكنت ثورة ( التايبنغ ( بقيادة هونغ من الانتشار

خلال السنوات التالية الى احد عشر من أقاليم الصين الواقعة الى الجنوب من نهر اليانغتسي . . ويلاحظ المؤرخون ان نمط انتشار ثورة و التايبنغ ، جغرافياً مماثل لنمط انتشار الثورة الشيوعية في الصين بعد ذلك في الثلاثينات من القرن العشرين . واتخذ هونغ مدينة نانكنغ » Nanking عاصمة لمملكته . وعندما حرك جیشه صوب الشمال بهدف احتلال بكين دبت حالة عامة من الذعر حتى أن الحكومة اتخذت استعدادات لنقل العاصمة منها الى المقر الصيفي للحكام المانشو » في « ميبهول ) . وبدا ان « التايبنغ ) سيسيطرون على الصين بأكملها . ولكن جيشهم الثوري لم يستطع في الواقع - بسبب نقص استعداداته القتالية - أن يتخطى المنطقة الواقعة الى الجنوب من مدينة ( تينتسن » Tientsin فقد كان جيش هونغ يفتقر الى الفرسان ، وكان جنوده الجنوبيون غير قادرين على تحمل برد الشمال ولا حتى استساغة أطعمته . وهكذا فشلت و حملة الشمال . . وقد جرد هونغ جيشاً آخر اتجه غربا بهدف السيطرة على كيانغتسي» «آمنهوي ) ، ( هوبي ) ، وه هونان » ، ولكنه اصطدم في ( هونان ، بخصم هو تسنغ كيو - فان Tsing Kuo-fan الذي لعب

          دوراً رئيسياً بعد ذلك في قمع ثورة و التايبنغ )

    وتعرض هونغ لأزمة حادة داخل صفوف حركته في
    العام ١٨٥٦ اتخذت طابعاً دموياً أودى بحياة عدد من
    قادتها واتباعها بلغ ما بين ۲۰ و ۳۰ ألف شخص

وكان ذلك بمثابة نهاية المرحلة الهجومية لتلك الثورة ، وبدأت مرحلة دفاعية ظلت صامدة فترة طويلة بينما قوات الامبراطورية تزحف نحو عاصمة و المملكة السماوية ، نانكنغ . وسقطت المدينة فعلا في صيف العام ١٨٦٤ ، ولقي هونغ مصرعه على أيدي جيش تسنغ كيو - فان الذي خاض معركة ضد «التايبنغ» على أساس أنها معركة ضد النفوذ ( المسيحي ) الأجنبي ، لمصلحة الروح الكونفوشية التقليدية الصينية

تعليقات