هل كانت حياة هيكتور هيجو بائسة مثل قصته البؤساء

 




هوغو ، فيكتور (۱۸۰۲ - ۱۸۸۵)

Hugo, Victor

شاعر وأديب ورجل سياسي فرنسي شهير . ولد في مدينة بيزنسون Besançon الفرنسية بالقرب من سويسرا . كان أبوه بروتوس هوغو Brutus Hugo احد جنرالات نابليون . وكانت أمه صوفي تريبوشيه Sophie Trebuchet تنتمي الى اسرة بورجوازية صغيرة في مقاطعة بريتانيا . لم تعرف الأسرة الاستقرار بسبب تنقلات الزوج من جهة ، واختلاف امزجة الزوجين من جهة أخرى، حتى يمكن القول ان الزوجين عاشا شبه منفصلين خلال فترة طفولة فيكتور ومراهقته ، ولهذا خضع الأولاد لتربية أمهم وتأثيرها ، تلك الأم التي انشأتهم على حب الملكية .

ومنذ البداية عملت والدته على تشجيع ميل هوغو نحو الشعر ، معتقدة بأن الأعمال الأدبية ستسمح لابنها بالحصول على مكانة عالية في المجتمع ، لأن عائلة هوغو لم تكن تنعم بالثراء في ذلك الوقت . وبعد ان درس هوغو في مدرسة كوردييه Cordier الداخلية في باريس ، كرس نفسه للأدب ، وفي السابعة عشرة من عمره أسس مع أخيه آبيل Abel مجلة نصف شهرية اسمها « لو كونسرفاتور ليتيرير » Le Conservateur Littéraire فكتب فيها عدة مقالات ، كان لها أكبر الأثر على تكوينه الفكري والأدبي .

ولم يكن هوغو يخفي تعلقه وتأييده للنظام الملكي ، لا بل انه نظم عدة قصائد امتدح فيها الملك ، مما دفع بالملك الى تخصيص راتب له ساعده في عام ١٨٢٢ على الزواج من أدال فوشيه Adele Foucher ليصبح في عام ۱۸۲۳ أباً . لكنه تعرف في عام ١٨٣٣ على الممثلة جولييت درووي Juliette Drouet ، واتخذها عشيقة له . كما كان له صلات مع عدد من النساء ، وعلى الأخص مدام بريان Mme Briand اذ ضبطتهما الشرطة في أحد الأيام معاً ، ووجهت اليهما تهمة الزنى . واتسمت حياة هوغو العائلية بكآبة شديدة .

فقد فقد ابنته ليو بولدين Leopoldine بعد فترة وجيزة

من زواجها وكانت في عز الصبا ، وأصبحت ابنته الثانية ادال Adele مجنونة ، كما فقد ابنيه وهما في سن الخامسة والاربعين بسبب مرض السل . فبقي وحيدا يعاني الوحدة والتمزق

كانت حياة هوغو حافلة بالانتاج الأدبي والشعري ، وقد استحق بحق لقب زعيم المدرسة الرومانطيقية الفرنسية . كان يحلم بأن يكون صدى مشاكل عصره الاخلاقية والسياسية والأدبية ، فكتب عدداً ضخماً من القصائد والقصص والمسرحيات التي تعكس موقفه من الحياة والسياسة والمجتمع . وقد احتل الجانب السياسي حيزاً كبيراً في كتاباته نظراً لانخراطه في العمل السياسي . فقد عين في عام ١٨٤٥ عضوا في الهيئة التشريعية لفرنسا وعندها بدأ بكتابة رواية « البؤساء » . وفي عام ١٨٤٨ ، انتخب نائباً عن مدينة باريس على لائحة اليمين ، لكنه سرعان ما تحول نحو اليسار وبدأ يطالب بترشيح الأمير لويس - نابليون الى رئاسة الجمهورية . كان ذلك يتعارض مع قناعاته الأساسية ، لكنه اعتقد ان نظاماً قوياً وسلطة تحمل اسماً نافذاً تقضيان على الفوضى ، وتحسن أوضاع الشعب . إلا أنه ما لبث أن اكتشف المطامح الشخصية للأمير ، وان الأمير قد وضع نفسه في خدمة القوى المالية والرجعية ، فانتقل الى المعارضة ، وأخذ بفكرة الجمهورية . عند قيام بونابرت بانقلابه في ٢ كانون الأول / ديسمبر ١٨٥١ حاول هوغو تحريض الأحياء الشعبية ضده ، ففشل ، واضطر للجوء الى بروكسيل ، ثم الى جرسي Jersey واخيرا الى غير نيزي Guernesey

كانت الفترة التي عاشها في المنفى من أخصب فترات انتاجه الأدبي ، فعبر في ديوان « تاريخ جريمة » L'histoire d'un crime عن حقده الشديد على النظام الأمبراطوري والانقلاب الذي حدث عام ١٨٥١ ، ثم أتبعه بديوان « نابليون الصغير » Napoleon le petit عام ۱۸۵۲ وفيه يسخر من لويس بونابرت لدى المقارنة بنابليون الأول ، وديوان العقوبات Les Chatiments الذي نظمه في عام ١٨٥٣ . في هذا

الأدب السياسي السافر يهاجم هوغو لويس بونابرت والذين اوصلوه الى السلطة والأزلام المستفيدين منه . لكن قيمة هذه المؤلفات تكمن في النصوص التي تعيد لنابليون الأول اعتباره ، والتأمل بمستقبل أفضل لفرنسا وللإنسانية تتحرران فيه من كل عبودية وطغيان . وبعد الاجتياح الألماني لفرنسا في عام ۱۸۷۰ وسقوط الحكم النابليوني عاد هوغو الى باريس . فوقف الى جانب كومونة باريس . وفي عام ١٨٧٦ انتخب عضواً في مجلس الشيوخ . ولم يتوقف عن المطالبة بالإفراج عن الذين شاركوا في الكومونة .

ولم ينس هوغو القضايا الاجتماعية والمطالبة بحلها .. فرواية « البؤساء » Les misérables تعد من أروع الروايات التي تصور الواقع الاجتماعي المزري الذي كانت تعيشه الطبقات الفقيرة في تلك الفترة .

لقد تميزت مواقف هوغو في بداية حياته السياسية بالتقلب الشديد ، إذ كان ملكياً في ظل الملك ، وجمهورياً في ظل الجمهورية . وعضواً في الهيئة التشريعية على لائحة اليمين في تلك الفترة ومدافعاً عن الطبقات المسحوقة في الوقت نفسه . لكنه بعد عام ١٨٤٩ أصبح من المدافعين عن الجمهورية ، وقد تزامن ذلك مع التغير الذي طرأ على مفهومه لدور الشاعر في الحياة . لقد كان يؤمن بأنه مكلف بتأدية رسالة انسانية ودينية ، وان وظيفة الشعر ليست في التعبير أو البحث عن الجمال فحسب ، بل عن الخير أيضاً ، وان الشاعر مرشد يستطيع ان يقود الإنسانية الى الحقيقة .

تعليقات