ماذا يقصد هوبز أن الإنسان للإنسان ذئب

 





التحميل: اكتمل تحميل 73593 من 73593 بايت.


هوبز ، توماس (١٥٨٨ - ١٦٧٩)

Hobbes, Thomas

فيلسوف انكليزي ومفكر سياسي كبير. ولد في وستبورت (Westport) في اقليم (Wiltshine) في ٥ نيسان - ابريل سنة ١٥٨٨. وفي سن الخامسة عشرة دخل كلية مجدلين في أكسفورد وحصل على شهادة التخرج في شباط - فبراير سنة ١٦٠٨، وبعدها صار مربياً خاصاً لوليم كفندش (Cavandish) الذي صار فيما بعد الايرل الثاني لديفونشير، وبدأت بذلك علاقته مع أسرة كفندش، وهي علاقة استمرت حتى آخر عمره، ولم تنقطع إلا اثناء الحرب الأهلية في انكلترة. وصحب تلميذه في رحلة الى اوروبا، ولما عاد منها كرس

اهتمامه للدراسات الكلاسيكية . وفي الفترة ما بين ١٦٢١ و ١٦٢٥ اتصل بفرنسيس بيكون ، وساعده في ترجمة بعض مقالاته الى اللاتينية . لكن أهم ثمار عنايته بالدراسات الكلاسيكية ( اليونانية - واللاتينية ( هي ترجمته لتاريخ توكيديدس (Thucydides) ، وقد نشر هذه الترجمة في سنة ١٦٢٩ ، وقد اختار لنشرها ذلك الوقت كيما يكون فيها عبرة لبني وطنه اذ رأى هوبز في مصير أثينا القديمة تحذيراً مفيداً ضد الديمقراطية

في سنة ١٦٣٧ ، اضطر الى الانصراف عن التأملات النظرية ليخوض غمار المعركة السياسية المشبوبة الأوار آنذاك . فقد كانت هناك حملة شديدة على امتيازات الملكية في انكلترة ، لكن هوبز رأى في انتقاص هذه الامتيازات ما يعكر صفو السلام في انكلترة ، ورأى ان الحقوق والسلطات التي قامت المعارضة آنذاك للحد منها هي جزء لا يتجزأ من حقوق السيادة ، وكان الكل يقر في ذلك الوقت بأن السيادة هي للملك . فألف هوبز كتاباً بعنوان :

عناصر القانون الطبيعي والسياسي » ، وانتشر الكتاب مخطوطاً آنذاك ، وفيه يقرر هويز بأن السلام الاجتماعي يقتضي وجود سلطة مطلقة ذات سيادة لا يشاركها مشارك . لكنه أغضب في نفس الوقت الطرفين المتنازعين : لقد أغضب القائلين بالحق الإلهي للملوك ، لأنه حاول ان يقيم السيادة على أساس عقد اجتماعي ، وأغضب البرلمانيين لأنه دعا إلى قيام ملكية مطلقة

ولما احتد النزاع في سنة ١٦٤٠ بمحاكمة ايرل استفورد ورئيس اساقفة لود (Laud) ، رأى هوبز انه في خطر ، ففر الى باريس ، حيث التقى بلاجئين آخرين من انكلترة . وصار يغشى حلقة العلماء التي تحلقت حول الأب مرسن (Mersenne) ، وأطلعه مرسن على كتاب : التأملات ، لديكارت ولم يكن قد نشر بعد . وكتب هوبز بعض الاعتراضات على كتاب التأملات ، فكان هذا سبباً لغضب ديكارت ، غضباً جعله يرفض أن يلتقي بهذا الرجل الانكليزي . وفي سنة ١٦٤٢ ظهر كتابه « في المواطن . (Decive) ، وفيه يتوسع فيما قاله في القسم الثاني من كتابه و عناصر

القانون » ، ويختمه بفصل عن الدين والعلاقة بين الدولة والكنيسة ، فيقول إن الكنيسة المسيحية والدولة المسيحية شيء واحد وهيئة واحدة ، رئيسها الحاكم ، ولهذا فإن من حق الحاكم ان يفسر الكتاب المقدس ، وأن يفصل في المنازعات الدينية ، وان يحدد أشكال العبادات العامة . وقد ظن هوبز بهذا بأنه وضع الحل لمشكلة النزاع بين الدولة والكنيسة ، التي كانت تعصف بمعظم دول اوروبا في القرن السابع عشر .

وفي سنة ١٦٥٢ أصدر هوبز كتابه الرئيسي بعنوان : لقياثان » او مادة وصورة وسلطة الجماعة الكومنولث الدينية والمدنية ) Leviathan, Or) the Matter, From, and Power of a common وفي . Wealth Ecle Siastical and Civil( القسمين الأولين منه : « في الإنسان » و« في الكومنولث » عاد الى الموضوع الذي بحثه في كتبه . السابقة ؛ وفي القسمين الثالث والرابع : في الكومنولث المسيحي ) ، و في مملكة الظلام ) خاض في مناقشة عن الكتاب المقدس وهاجم هجوماً شديداً محاولات أنصار البابوية والكنيسة المسيحية لبحث حقوق الملك .

ولما عادت الملكية الى انكلترة ، وصار شارل الثاني ، تلميذ هوبز القديم ، ملكاً على انكلترة ، غفر المربيه القديم موقفه من كرومويل ، وشمله بعطفه ، وقرر له معاشاً قدره مائة جنيه في العام . لكن لما كانت آراء هوبز مقترنة في أذهان عامة الناس بحرية الفكر والإلحاد ، فقد استغل خصومه هاتين التهمتين للنيل منه عند الملك . لكنه لم يشعر بالخطر الحقيقي إلا في سنة ١٦٦٦ ، لأنه في هذه السنة وضع مجلس العموم مشروع مرسوم ضد الإلحاد والعلمانية (Profaneness) وذلك بتأثير الكنيسة وما أحدثه حريق لندن والطاعون من فزع في النفوس ؛ وكلفت اللجنة المشكلة لدراسة مشروع المرسوم بفحص كتاب لقياثان » ، غير أن البرلمان اسقط مشروع المرسوم ضد الإلحاد ، ولم يستطع هوبز بعد ذلك الحصول على إذن بنشر أي شيء يتعلق بالسلوك الإنساني .

قضى هوبز بقية عمره الطويل في ترجمة بعض

المؤلفات اليونانية ، فترجم « الأوديسا » لهوميروس ، ونشرت الترجمة في سنة ١٦٧٣ - سنة ١٦٧٥ ، وترجم « الإلياذة » ونشرت الترجمة في سنة ١٦٧٦ .

توفي هوبز في هاردوك هول (Hardwick Hall) في مقاطعة دزي في ٤ كانون الأول - ديسمبر سنة ١٦٧٩ .

فلسفته المدنية والسياسية :

استعان هوبز بالمعاني الرائجة في عصره ، مثل : المساواة ، القانون الطبيعي ، الحقوق الطبيعية للإنسان ، العقد الاجتماعي ، السيادة ، العدالة . لكنه يعالج هذه المعاني على نحو يختلف كثيراً عن معالجة فلاسفة السياسة السابقين عليه لها مثل أفلاطون وأرسطو ، والقديس توما الأكويني ، وجان بودان ، وهوجو جروتيوس . كذلك تأثر هوبز بآراء مكيافيللي في الأنانية وحاجة الحاكم الى السلطة المطلقة .

وفيما يتعلق ببيان نظرية العقد السياسي عند هوبز ، يرى أن النظام السياسي أمر اصطلاحي وطبيعي في آن معاً : فهو اصطلاحي ، بمعنى ان الإنسان هو الذي أوجده ، وهو طبيعي ، مع ذلك ، لأن الإنسان انما صنعه وفقا لميوله الطبيعية ، لكن الإنسان عند هوبز ليس كائناً اجتماعياً بطبعه كما يقول ارسطو ، وليس كائناً عقلياً مجرداً كما قال لاحقا فلاسفة عصر التنوير ( في القرن الثامن عشر ، بل هو كائن شرير حافل بالنقائص ، جبان ، فاسد ، خبيث ، تدفعه المصلحة الذاتية ، وتتحكم فيه الغرائز الأولية من أنانية وجشع . وهو لا يذعن إلا اذا خاف ، ولا يضحي بمصالحه إلا مرغها ، ولا يحب السلام للسلام ، بل فزعاً من نتائج الحرب ... ويتلخص هذا كله في العبارة المشهورة التي قالها هوبز : « والانسان للانسان ذئب ، والكل في حرب ضد الكل ، والواحد في حرب ضد المجموع » . والحياة اذن مجال للقوة الباطشة ، بالنسبة الى الأقوياء ، وللخداع والمكر والتحايل بالنسبة الى الضعفاء .

لكن هذه الشرارة ( صفة من الشر ) الانسانية هي التي دفعت الإنسان الى ان يبحث بعقله عن علاج : فراح عقل الانسان يفتش عن أسباب هذه الحال الأليمة المتمثلة في حالة الطبيعة ، وفي أسباب الحروب ، والنزاع . وانتهى إلى أن العلاج هو في ایجاد مجتمع تسوده قوانين تحكم الجميع ، فيزول الخوف والنزاع .

كيف يمكن ايجاد هذا المجتمع ؟ لا يمكن ان يوجد مثل هذا المجتمع الا بتخلي الأفراد عن حقوقهم الخاصة وشهواتهم الخاصة فيما يتصل بتوجيه النظام في المجتمع .. وعلى الكل ان يخضعوا لإرادة واحدة ، تتولى فرض نفسها على الآخرين ، أي انتقال حقوق کل فرد الى فرد واحد . ذلك لأنه اذا تخلى كل فرد - ما عدا واحدا - عن حقوقه الطبيعية ، فمن الواضح ان حقوق هؤلاء ستذهب الى هذا الواحد الذي لم يتخل عن حقوقه . وسيكون هذا الواحد أقوى من الباقي بمجرد تخلي هؤلاء عن حقوقهم . وسيتقوى بما يقوم به من أعمال تؤدي الى تحقيق الأمن والعدل لهؤلاء الآخرين . وهكذا فإن سلطة الحاكم ستقوم على أمرين : تخلي الافراد عن حقوقهم ، والغاية التي من أجلها تخلوا عن حقوقهم وهي السلام والعدل

وهكذا أبرم العقد بين الأفراد وبين فرد ( حاكم ) وهم في حالة فوضى ، وبموجبه تخلى هؤلاء الافراد عن حقوقهم ليفوضوها الى شخص يمثلهم ويقبل عنهم ان يتولى تصريف امورهم بما يكفل لهم الأمن والسلام والاستمتاع .

والشيء المميز لهذا العقد هو انه بين ثلاثة اطراف : الطرف الأول : متعاقد فردي ؛ الطرف الثاني : كل أفراد المجتمع ؛ الطرف الثالث : طرف لا يدخل في العقد إلا للانتفاع منه ، دون ان يقدم شيئاً في مقابل ذلك وهو الحاكم . وهو عقد من نوع خاص ، اذ فيه يوافق الحاكم على شروط العقد ، لكن دون ان يلتزم بشيء تجاه الغير .

وهذا العقد ، كما تصوره هوبز ، يلزم الفرد بالعضوية ، الدائمة غير القابلة للفسخ ، في مجتمع سياسي مهمته الأولى والوحيدة بمجرد تشكيله هي ان

يعين حاكماً ( سواء أكان فرداً ، أم قلة من الناس ، أم جماعة ديمقراطية ) له سلطة وضع القوانين ، والفصل في المنازعات ، وصياغة الأحكام والحقوق والواجبات . وإذا ما عي 1 ن الحاكم فعلى المواطن الخضوع له والطاعة المطلقان ، في مقابل ما يحققه له الحاكم من حماية ضد منتهكي القوانين وضد أعداء الوطن. وهذا العقد صفقة رابحة للمواطن ، لأنه يكفل له الأمن والسلامة في مقابل الموت المحتوم والظلم الذي لا بد سيقع عليه لو أنه استمر 2 يعيش في حالة الطبيعة . وارادة الحاكم ستكون ممثلة الإرادة المواطن ، ولهذا فإن الحاكم يملك كل سلطة لتحقيق  

                                  ارادته التي هي ارادة كل مواطن

 ولما كان الحاكم ليس ( طرفاً ، في هذا العقد ، فإنه
 لا يجوز لرعيته مساءلته عن الطريقة التي يؤدي بها
 مهمته ، ذلك انهم بمجرد أن فوضوا له تولي امورهم
 فقد سقط حقهم في مساءلته . يقول هوبز إنه من اجل
 تأمين السلم « لا بد من تفويض الأفراد كل قوتهم
 وكل سلطتهم الى رجل واحد او الى هيئة اجتماعية
 ) أو جمعية ) واحدة يمكنها أن تجعل من كل أرادتهم
 ارادة واحدة ، بمعنى
 أن كل واحد يقر بأنه فاعل
 لكل الأفعال التي يفعلها هذا الرجل ، وأن يخضع
 إرادته لإرادة هذا الرجل وحكمه . وهذا أمر أكثر من
 مجرد الوفاق : إنه اتحاد الجميع في شخص واحد ،
 وهذا هو ما يتم بتعاقد كل واحد مع كل واحد ، كما لو

        قال كل واحد لكل واحد : إني أفوض الى هذا الرجل

               او هذه الجمعية كل سلطتي وكل حقي في توجيه

                 نفسي ، بشرط انك أنت ايضاً تفوض له سلطتك

               وحقك في توجيه نفسك. فإذا تم هذا ، فإن هذا

               الجمهور يصير شخصاً واحداً يسمى مدنية أو

           جمهورية » . ( ( لقياثان ، الفصل السابع عشر ) .

        ويرى هويز ان الناس ، في حالة الطبيعة ،
        متساوون تقريبا في القوة ، والقدرة الفعلية ،

      والخبرة ، ولكل واحد نفس الحق الذي لغيره في كل
      شيء . فلو كانوا بدون حكومة ، لأدى النزاع
      الناشيء عن شهواتهم وعدم ثقتهم بعضهم ببعض -
      الى حالة حرب بين كل انسان ضد كل انسان ، وفيها
      لن توجد ملكية ، ولا عدل ، ولا ظلم ، وستكون

الحياة « متوحدة » ، فقيرة ، قذرة ، متوحشة ، وقصيرة » .. لكن لحسن الحظ فإن الوجدان - على شكل الخوف من الدين والرغبة في حياة سارة طويلة ، وكذلك العقل - على شكل معرفة مواد السلام على هيئة قوانين الطبيعة - نقول ان الوجدان والعقل يتضافران لإيجاد أساس مجتمع مدني ( سياسي ) وللتخلص من النزاع الشامل ..

وأول قوانين الطبيعة هو السعي الى السلام والمحافظة عليه، والثاني - وهو وسيلة ضرورية للقانون الأول - هو ان يريد الانسان ، حين يكون الآخرون مريدين لهذا ايضاً ، ان يحصل على الأمن والدفاع عن النفس اللذين يرى انهما ضروريان له ، فيتنازل عن حقه في كل شيء ، ويقنع بنفس القدر من الحرية تجاه الآخرين ، الذين يسمح هو به للآخرين تجاه نفسه هو .

وهذا يتم بالتعاقد مع الآخرين - والقانون الثالث للطبيعة هو ان يلتزم الناس بتنفيذ هذا التعاقد . لكن ليكون العقد نافذاً لا بد من وجود سلطة ذات سيادة من شأنها أن تجعل الظلم - وهو انتهاك شروط العقد - أشد ضرراً وأذى من العدل أي المحافظة على تنفيذ العقد . ذلك ان العقود بغير سيوف هي مجرد كلمات جوفاء لا تضمن شيئاً ولا تؤمن شيئاً .

وهكذا فإن قوانين الطبيعة الأخرى ، التابعة للقوانين الثلاثة الأول هذه ، تقتضي ممارسة الإخلاص ، وعرفان الجميل ، والحشمة والتأدب ، والنزاهة والإنصاف ، والاعتراف بالمساواة الطبيعية ، وتجنب الوقاحة والكبرياء والعجرفة

ويمكن تلخيص نظرية القانون الطبيعي عند هوبز في هذه الجملة أو القانون العام : لا تعامل الناس بما لا تحب أن يعاملوك به

وفي تقرير العلاقة بين الحاكم والمحكومين ، يقرر هوبز ان على المحكومين - ويسميهم الرعية (Subjects) - ان يطيعوا الحاكم طالما كان قادراً على حمايتهم ، إلا اذا امرهم ان يقتلوا أو يجرحوا أو يبتروا اعضاءهم أو ان يجيبوا عن أسئلة تتعلق بجريمة يكونون قد ارتكبوها . وهذه ليست قيوداً تحد من

سيادة الحكم ، بل هي فقط حريات يحتفظ بها المحكومون تحت قوانين الطبيعة .

وفي مذهب هوبز أنه لا يجوز سياسياً ولا قانونياً وضع حدود قانونية على سيادة الحاكم . ولا يوجد مثلا حق التمرد ( أو العصيان ) لأن الحاكم غير ملزم بأي عقد ، ما دام هو لم يكن طرفاً في العقد ، كما أشير منذ قليل . ولا حقوق قانونية ( شرعية ) للرعية إلا تلك التي منحهم اياها الحاكم . والحاكم هو المشرع الوحيد ، وهو لا يخضع للقانون المدني ، وارادته - وليس العرف - هي التي تعطي القوانين سلطتها ونفوذها .

ومن حق الحاكم ان يراقب كل تعبير عن الرأي ، وأن يهب ممتلكات خاصة للأفراد ، وأن يحدد ما هو خير وما هو شر ، ما هو قانوني وما هو غير قانوني ، وأن يفصل في كل القضايا والمنازعات ، وأن يأمر بالحرب أو بالسلام ، وان يختار الموظفين في الدولة ، وان يمنح المكافآت ويفرض العقوبات ، وأن يفصل في جميع المسائل الدينية والأخلاقية ، وأن يفرض الأوضاع التي بموجبها ينبغي عبادة الله !

والحكم ، في نظر هوبز ، يتخذ ثلاثة أشكال فقط هي : الملكية ، والارستقراطية ، والديمقراطية . أما الأشكال الظاهرية الأخرى فهي ، في رأي هوبز ، مجرد انعكاسات لمواقف : فمثلا : اذا كره انسان الملكية سماها : طغياناً (Tyranny) .

وعلى الرغم من أن مذهب هوبز يؤيد اي شكل من اشكال الحكم المطلق ، فإنه مع ذلك يفضل الملكية ، لأنه يرى أنها أفضل وسيلة لتحقيق السلام والأمان ، وان مصلحة الملك هي مصلحة الرعية ، وما هو خير للملك خير للشعب . والملك ثري ، وماجد اذا كانت الرعية ثرية وماجدة . والمقربون لدى الملك أقل عدداً من أية جمعية نيابية . وهو أقدر على تلقي النصائح في السر من الجمعية النيابية . وقرارات الملك تصدر دون اختلاف في الرأي ، فتكون بذلك اشد رسوخاً بعكس الحال في قرارات المجالس النيابية . والانقسام والتحزب والاختلاف شيعاً واحزاباً لن توجد في الملكية ، وكذلك ما ينجم عن

هذه الأمور من حروب أهلية .

ويعترف هوبز بأن في النظام الملكي مشكلات تتعلق خصوصا بوراثة العرش ، لكنه يقول

ان من الممكن حلها باتباع ارادة الملك الجالس على العرش او العرف او عمود النسب .

تلك هي آراء هوبز السياسية ، وهي آراء لم تلق تأييداً من أية جماعة في عصره .

فالبيوريتان كانوا يقولون بحق الشعب في اختيار شكل الحكم الذي يريده ، وفي تغييره كما يشاء .

وآل ستيوارت ( ملوك انكلترة آنذاك ) ومؤيدوهم كانوا يؤكدون على حق الملوك الإلهي ،

وان الملكية نظام مستمد من الله ، لا من عقد بين رعية وحاكم . وجاءت ثورة سنة ١٦٨٨ -

بعد وفاة هوبز بتسع سنوات - فأثبتت ان من الممكن للشعب ان يغير نظام الدولة ودستورها

دون العودة الى الاضطراب الكلي ، وان الحكام يمكن ان يكونوا مسؤولين معنوياً أمام رعاياهم ،

وان من الواجب كفالة الحرية الفردية في أمور الدين والرأي والنشر وما سوى ذلك .

تعليقات