ما الذي جعل نابليون بونابارت بهذه الشهرة لغاية اليوم

 





نابليون بونابرت (۱۷۶۹ - ۱۸۲۱)

Napoléon Bonaparte

عسكري عبقري وأمبراطور فرنسي . من مواليد أجاكسيو في جزيرة كورسيكا الإيطالية . ومن عائلة ذات نسب أرستقراطي متواضع ، درس في فرنسا وأخذ يهيىء نفسه ليكون جندياً وذلك بأن راح يتلقى علومه العسكرية في ميريان ، وأصبح ضابطاً للمدفعية . وتمكن عام ۱۷۹۳ من حماية مدينة طولون بنجاح أثناء الثورة الفرنسية . برز اسمه مجدداً أثناء اخماد التمرد الملكي في باريس عام ١٧٩٥ ، ومكافأة له عين قائداً للجيش الفرنسي في إيطاليا عام ١٧٩٦ .

وعلى الرغم من حالة جيشه المزرية فقد هزم الجيوش النمساوية والإيطالية المناوئة ، وفرض الصلح على الطليان ، وبقي يحارب الجيوش النمساوية وينتقل من نصر إلى نصر حتى أصبح على أبواب فيينا . وكانت هذه الانتصارات سبباً في علو منزلته بين أبناء الشعب الفرنسي . انتقل بعد هذه المعارك الى الحملة المصرية في تموز - يوليو ۱۷۹۸ ، التي أراد بها تهديد طريق بريطانيا إلى الهند ، إلا أن نقطة الضعف الأساسية في هذا المجال كانت ضعف البحرية الفرنسية قياساً إلى البحرية البريطانية . وعلى الرغم من ذلك تمكن نابليون من غزو مصر ، إلا أنه فشل في التوسع شرقاً ، إذ استعصت عليه عكا في فلسطين وصمدت أمام حصاره ، فانكفأ عائداً إلى فرنسا وترك الجيش والحكم في مصر في عهدة كليبر . وقد فتح نابليون بغزوته لمصر صفحة المسألة الشرقية وأطلق شرارة النهضة عن طريق ابراز معالم التحدي الغربي للشرق والإسلام ، وبواسطة ادخال المخترعات الغربية الحديثة مثل الات الطباعة وغيرها . وكان النداء

الذي وجهه الى اليهود يستحثهم فيه على : إعادة بناء الهيكل » ( والعودة ! ) لفلسطين يستهدف الاستعانة بهم واستمالة وزير مالية عكا اليهودي .

وعلى أثر عودته الى فرنسا عام ۱۷۹۹ أصبح الزعيم الأول في البلاد حتى عام ١٨١٤ . وسرعان ما اضطر الى خوض معارك حربية مع الروس (۱۷۹۹) والنمساويين (۱۸۰۰) ، وانتصر على جيوشهم ، وعقد الصلح مع الدول الأوروبية الرئيسية . إلا أن السلام كان بمثابة هدنة ، فاستأنف الصراع مع بريطانيا ومختلف حلفائها الأوروبيين في عام ١٨٠٣ .

واستمر حتى عام ١٨١٤ . وفي عام ١٨٠٤ قبض بشكل مطلق على السلطة لينهي خمسة عشر عاماً من الاضطراب الداخلي ، وأعلن نفسه امبراطوراً رغم نشأته الجمهورية ، ومناصرته لمبادىء الثورة الفرنسية والقانون المدني الذي سمي باسمه ، لأنه نشره في غزواته الأوروبية .

وفي السنين الثلاث الأولى بعد تنصيب نفسه امبراطوراً أحرز نابليون أروع انتصاراته العسكرية ، فهزم النمسا في معركة أولم ، وهزمها مع روسيا في استرليتز في ١٨٠٥ ، وهزم بروسيا في إبينا وأورستد في ١٨٠٦ ، وهزم روسيا في فريدلاند ۱۸۰۷ كما انتصر في أيلووايجهول . وفي عام ۱۸۰۹ ذاق نابليون مرارة اول هزيمة له على يد النمسا في اسبرن ارسبنغ ، إلا أنه سرعان ما انتقم لنفسه عندما أحرز الانتصار الكاسح في معركة واغرام في صيف العام نفسه .

وكان طموح نابليون توحيد أوروبا تحت قيادته ، وكانت وسيلته الرئيسية في ذلك القوة العسكرية . وعلى الرغم من عبقريته المشهورة في هذا المجال ، إلا أنه ذاق الأمرين في احتلال شبه جزيرة ايبيريا ۱۸۰۷ - ١٨١٤ والحملة الروسية ١٨١٢ .

ففي اسبانيا والبرتغال واجهت جيوش نابليون الجيش البريطاني ، كما واجهت حرباً جديدة من نوعها هي حرب العصابات التي أرهقت جيشه واستنزفته بشكل لا سابقة له . أما روسيا فقد كانت خيبة امل حياته ، إذ على الرغم من احتلاله للعاصمة


موسكو ظل الروس يقاتلون ، وعجز عن احراز نصر حاسم في وجه عنادهم ووطنيتهم وبرد بلادهم وثلوجها ، الأمر الذي أضعف معنويات جيشه ، ولم ينج من الهلاك إن النزر اليسير منه ، فكان ذلك مقدمة لهزيمته في معركة الأمم في لايبزغ في تشرين الأول - اكتوبر ۱۸۱۳ أمام الجيوش البروسية والنمساوية والروسية المتحالفة . ومنذ تلك المعركة تسلم خصومه زمام المبادرة وخاضوا المعارك تلو المعارك ضده على أرض فرنسا دون أن تثنيهم هزائمهم المتتابعة عن خطتهم لتحطيمه ، الأمر الذي اضطره في عام ١٨١٤ الى التخلي عن العرش ، وقبول المنفى في جزيرة البا .

مكث في جزيرة البا مئة يوم قرر بعدها الرجوع الى فرنسا معتمداً على ولاء ضباط الجيش له ، وكان ذلك في أول آذار - مارس ۱۸۱۵ وسرعان ما استعاد سيطرته وقام بحملة عسكرية هزم بها الجيوش المتحالفة ضده في بلجيكا ، وأتبعها بانزال الهزيمة بالبروسيين والبريطانيين ، ونظراً لتوقعه انكفاء البروسيين الى المانيا - كما كانت تقضي الاعتبارات العسكرية - فقد حاصر الجيش البريطاني في واترلو ، وقبل ان يطبق عليه فوجىء بعودة الجيش البروسي ، الأمر الذي حتم هزيمته ، فاستسلم الى القائد البريطاني ، فنفي الى جزيرة هيلانة النائية في المحيط الأطلسي وبها توفي .

ومع ذلك فقد ظل نابليون ماليء الدنيا وشاغل الناس مدة طويلة من الزمن ، وترك بصماته - لا بفضل عبقريته العسكرية وحسب - بل لنشره تشريعات الثورة الفرنسية في العديد من البلدان التي احتلها .


تعليقات