على رؤوس نووية وأجسام مضللة ، ووسائل مساعدة على الاختراق ، مهمتها تضليل رادارات العدو ووسائل دفاعه . وتقدر سرعة و الباص ) بتسعة وعشرين الف كيلومتر في الساعة تقريباً . أما في المرحلة الثانية ، مرحلة ( ما بعد الدفع ) ، التي تستغرق ثماني دقائق ، فإن و الباص ، يلقي خلالها ، وفي اتجاهات مختلفة ، برؤوسه النووية واجسامه المضللة . وفي مرحلة التحليق الثالثة ، التي تستمر من ١٥ الى ٢٠ دقيقة ، والتي تعرف باسم و منتصف الطريق ، ، تنطلق ( سحابة ، من الرؤوس النووية والأجسام المضللة وفق خط سير بالستي ينتهي عند ارتفاع الف ومئتي كيلومتر تقريباً وتبدأ المرحلة الرابعة ، وهي المرحلة ( النهائية ) التي لا تستغرق سوى دقيقة واحدة ، عندما تبلغ و السحابة ، طبقات الفضاء العليا الأولى . ويؤدي الاحتكاك بالهواء الى تدمير ( المساعدات على الاختراق ، كافة ، في حين تسقط الرؤوس النووية على اهدافها . وهكذا يكون نصف ساعة من الزمن تقريباً قد انقضى بين لحظة اطلاق الصاروخ ولحظة إصابته أهدافه .

كيف سيتولى و الدرع النووي ، المزمع انشاؤه الدفاع عن الأهداف الاميركية ضد هذه الصواريخ ؟ ثمة وظائف اساسية سيضطلع بها هذا الدرع وتتلخص فيما يلي :

  • الانذار المبكر بحصول هجوم نووي وتحريك آلية الدفاع .

  • ملاحقة سائر القذائف المنذرة بالخطر منذ لحظة اطلاقها حتى بلوغها نهاية خط مسارها .

  • اعتراض الصاروخ ، او الطبقة العليا ، وتدميرهما نهائياً :

  • اقامة تمييز فعال بين الرؤوس النووية والاجسام المضللة .

  • الاعتراض والتدمير عند منتصف الطريق .

  • الاعتراض النهائي في الطبقات العليا من الاجواء والتدمير الشامل

الدرع الفضائي اذن لن يقي الا من الصواريخ البالستية العابرة للقارات . لماذا ؟ لأن السوفييت اولا قد ركزوا على هذا النوع من الصواريخ ما يقارب من ٧٥ بالمئة من مجمل رؤوسهم النووية ، ولأن فترة تحليق هذا النوع من الصواريخ هي ( ٣٠ دقيقة تقريباً ) ، ثانياً تجعل مهمة التصدى لها أسهل .

فالصواريخ النووية التي تقذف من الغواصات ، على سبيل المثال ، تحتاج الى مدة زمنية أقصر لبلوغ هدفها ، مما يزيد في صعوبة اعتراضها . وهذا ما يكشف عن علة اساسية في « الدرع الفضائي ، المزمع بناؤه . فهو لن يؤمن الحماية ضد الناقلات غير البالستية للشحنات النووية ( قاذفات القنابل ، الصواريخ الجوالة ، الصواريخ المحلقة على ارتفاع منخفض ) كما أنه لن يغطي ، على الأرجح ، سوى المناطق الاستراتيجية في الولايات المتحدة ، لا مجمل الاراضي الاميركية . أما ادعاء الرئيس ريغان بأن مبادرة الدفاع الاستراتيجي تهدف الى تأمين الحماية لجميع المواطنين الاميركيين ضد الخطر النووي فشعار دعائي أكثر منه تقريراً لحقيقة قد تغدو واقعة في مطلع القرن الحادي والعشرين .

ومهما يكن من أمر ، فإن تنفيذ هذا المشروع مرهون بشروط ثلاثة : اولا أن يكون الدفاع ضد الصواريخ البالستية قابلاً للتنفيذ على الصعيد التقني ، ثانياً أن يكون قابلا لمقاومة الإجراءات المضادة التي لا بد وأن يقدم عليها الخصم ، ثالثاً واخيراً أن لا يكون باهظ الكلفة أكثر مما ينبغي .

على الصعيد التقني ، يفترض بنظام الدفاع ضد الصواريخ النووية العابرة للقارات ان يعمل كمصفاة تزيل ، بالتدريج ، مفعول الصواريخ والرؤوس النووية في اثناء المراحل الأربع التي يمر فيها طيرانها البالستي والتي اسلفنا الاشارة اليها . وسوف يعتمد هذا النظام الدفاعي على اسلحة عالية السرعة وموجهة الطاقة (لايزر، الخ ) تدعمها اسلحة تقوم على الطاقة الحركية قادرة على ان تعترض بمثل سرعة الضوء ( ٣٦٠ الف كيلومتر في الثانية ) الناقلات

والرؤوس النووية المقتربة من أهدافها بسرعة تزيد على ٢٥ الف كيلومتر في الساعة . وسوف تنشر هذه الأسلحة في الفضاء ، فوق الأرض او في جوفها .

وسوف يكون في استطاعة ( خطوط ماجينو الفضائية ، تلك تدمير الصواريخ البالستية خلال مراحل طيرانها الأربع . ومن المستحسن طبعاً تدمير الصاروخ في مرحلتها الصعودية ، أي قبل ان تكون قد اطلقت رؤوسها النووية وقبل أن يتضاعف بالتالي عدد الاهداف التي يتعين تدميرها . لكن الصعوبات التقنية التي تجابه عملية نشر تلك ( المصفاة ، الأولى ، المكلفة تدمير الصاروخ في طور اطلاقه الأول ، تزيد من احتمالات البدء بنشر نظام مضاد للصواريخ يتولى مهمة تدميرها في مرحلتها الاخيرة ، أي عندما تصبح فوق الولايات المتحدة . وهذا يعني ان فوائد هذا النظام الدفاعي ستقتصر ، في مرحلة أولى على الأقل، على الولايات المتحدة دون حليفاتها الاطلسيات .

وقد أعد تنفيذ هذا المشروع ، الذي تقدر نفقاته بمئات المليارات من الدولارات ( لحظ البنتاغون مبلغاً قدره عشرون مليار دولار لفترة ١٩٨٦ - ١٩٩١ بغية تغطية نفقات الدراسات الأولية ) على أكثر من ثلاثين عاماً .

ففي مرحلة أولى (١٩٨٤ - ١٩٨٩) يعكف على دراسة امكانية تنفيذ هذا النظام الدفاعي . وفي مرحلة ثانية ( ۱۹۹۰ - ۱۹۹۳) تبدأ عملية تطوير الانظمة . وفي مرحلة ثالثة (۱۹۹۳ - ١٩٩٥) ، وهي المرحلة الانتقالية ، تبدأ استعدادات نشر ( الدرع الفضائي ) ، والمفاوضات بشأنه في آن معاً . وفي مرحلة رابعة وأخيرة ، تستمر على مدى ربع قرن من الزمن (۱۹۹۵ - ۲۰۲۰) يُعمل على نشر هذا الدرع نهائياً .

القرار الأخير بصدد تنفيذ ما اتفق على تسميته بـ ( المبادرة الاستراتيجية النووية ، لن يتخذ اذن إلا في مطلع تسعينات القرن العشرين ، أي عندما تكون قد استكملت الدراسات حول إمكانية تطبيقها . واذا

ما اتضح ، عند ذاك ، أن « الدرع الفضائي ، غير قادر على تأمين الحماية المرجوة ، او ان نفقات نشره باهظة الى حد غير معقول ، يصار الى طي صفحته كما حدث مع مشروع « سنتينل ، Sentinel الذي كان روبرت ماكنمارا قد أعلن عنه في العام ١٩٦٧ ، او برنامج « سيفغوارد ، Safeguard الذي كان الرئيس نيكسون قد اقترح تنفيذه في العام ١٩٦٩ .

وتجدر الاشارة إلى أن الولايات المتحدة قد حاولت جر حليفاتها إلى المشاركة بأبحاث هذا البرنامج ، سواء عن طريق المساهمة العلمية أو المالية . وقد ترددت فرنسا في الموافقة على هذا البرنامج ، بخلاف بريطانيا والمانيا الغربية اللتين رحبتا وانضمتا رسمياً إليه . وفي ٦ أيار - مايو ١٩٨٦ انضمت اسرائيل إلى برنامج مبادرة الدفاع الاستراتيجي .