المذهب الحنبلي
المذهب الحنبلي نسبة إلى الإمام أحمد بن حنبل المولود سنة ١٦٤ هـ / ۷۸۰ م ببغداد والمتوفى فيها سنة ٢٤١هـ / ٨٥٥ م . ومذهبه رابع المذاهب السنية المعمول بها عند المسلمين . وكان من أصحاب الإمام الشافعي ( انظر : محمد بن إدريس ) ولم يزل مصاحبه إلى أن ارتحل الشافعي إلى مصر .
برع ابن حنبل بالحديث والفقه ودرس فقه الصحابة والتابعين وجمع فتاويهم في كتابه « المسند ) . ولكنه لم يكتب فقهه كما فعل الشافعي ، وإنما نقل
فقهه تلاميذه .
وقد تأخر ظهور المذهب الحنبلي في فلسطين الى القرن الخامس الهجري . والسبب في ذلك أن الإمام أحمد كان في القرن الثالث الهجري ، ولم يشع مذهبه إلا في القرن الرابع الهجري . وفي هذا القرن ملك الفاطميون في مصر وقضوا على من كان بها من أئمة المذاهب الثلاثة وأقاموا مذهب الشيعة . ولم يقض الأيوبيون على الفاطميين إلا في أواخر القرن السادس الهجري فعاد الى مصر الأئمة من سائر المذاهب ، علماً بأنه لم يكن للمذهب مقام يذكر في دولة بني أيوب ولم يشتهر المذهب الحنبلي إلا في آخرها .
وهناك أسباب أخرى في تأخر ظهور المذهب منها
أنه لم يكن من الحنابلة قضاة . فالقضاة إنما ينشرون
المذهب الذي يتبعونه . ومنها شدة الحنابلة وتعصبهم
وخلافهم مع العامة لا بالحجة والبرهان بل بالعمل
واستخدام الشدة في الأمر بالمعروف والنهي عن
المنكر . ومن هنا ظل المذهب الحنبلي غير منتشر في
فلسطين حتى منتصف القرن الخامس الهجري تقريباً
فقدم إلى القدس
والمعروف أن صلاح الدين الأيوبي عين عقب فتح بيت المقدس أربعة من الأئمة للمذاهب الأربعة للصلاة في المسجد الأقصى ، فكان إمام الحنابلة يصلي بالمسجد الواقع تحت المدرسة السلطانية بالرواق الغربي خلف منارة باب السلسلة من جهة الشمال . إلا أن الوظيفة في إمامة الحنابلة تركت لعدم وجود حنابلة في بيت المقدس .
وقد استحدث الظاهر بيبرس سنة ٦١٤ هـ / ۱۲۱۷ م فكرة أن يكون قضاة أربعة على المذاهب الأربعة ، لكل مذهب قاض يحكم بما يوجبه مذهبه ويتقاضى بين يديه أهل ذلك المذهب . ولكن الملاحظ أن غالبية الفقهاء والعلماء الحنابلة كانوا من القادمين
إلى بيت المقدس لا المقيمين فيه .
ولم يقتصر الأمر على قراءة هذه الكتب وتدريسها فشرحت شروحاً كثيرة وعلق عليها خلال تدريسها واختصر بعضها .
وقد نبغ بعض الفقهاء الحنابلة كالشيخ العلامة نجم الدين أبو الربيع الحنبلي المولود سنة
وقد صنف الكثير من التصانيف المشهورة مثل : بغية السائل في أمهات المسائل ، ومختصر الروضة في أصول الفقه ، ومختصر الحاصل في أصول الفقه ، والقواعد الكبرى ، والقواعد الصغرى ، ومعراج الأصول في علم الأصول .
ومن فقهاء الحنابلة المشهورين في فلسطين قاضي القضاة شمس الدين العمري العليمي الحنبلي
اشتهرت عدة مدارس قامت بتدريس المذهب الحنبلي والفقه وقام بالتدريس فيها مجموعة من الشيوخ والفقهاء الحنابلة . ومن هذه المدارس المدرسة الوجيهية ، وهي وقف للشيخ وجه
وكان شيخ المدرسة يعين في وظيفته بمرسوم سلطاني . وقد يتعاقب على هذه الوظيفة الشيخ وولده ، كما حدث لشيخ المدرسة الوجيهية عبد الرحمن وولده الشيخ
كان التدريس في هذه المدارس يتم على الأغلب كل أيام الأسبوع ، وفي يوم الجمعة كانت تعقد الحلقات العلمية بعد صلاة العصر فيلتقي فيها الفقهاء ، والمحدثون والعلماء والقراء .