كيف كانت المؤسسات السياسية في بلاد سومر

 




بلاد سومر :

تعتبر الحضارة السومرية ، حضارة مدينية بالدرجة الأولى ، مع انها ارتكزت اولا على الزراعة وتربية الدواجن ، ففي الألف الثالث قبل الميلاد كانت البلاد مؤلفة من بضع عشرة دولة ، تتمركز كل منها على مدينة يقوم في وسطها المعبد الرئيسي الذي كان مقراً للاله الحاكم ، ويدير المدينة زعيم ليست له سلطات مطلقة بل يخضع على ما يبدو ، لسلطة وجهائها . اما عندما يفرض الامر اتخاذ قرارات هامة على مستوى البلاد ، فإن المواطنين الاحرار يجتمعون على شكل مجلس بمستويين : ( مجلس القدماء وهو المجلس الاعلى ، و مجلس الرجال ، البالغين والقادرين على حمل السلاح والعاملين ، وهو المجلس الثانوي وكان هذا المجلس ، في القديم ، يعين القائد العسكري عندما تقوم الحرب او عندما يزداد خطر الغزو الخارجي ، ويحدد مهماته التي كانت عسكرية حصرا ومؤقتة . ويبدو ان هذا القائد قد تحول الى ملك مع مرور الزمن وان الملكية تثبتت واصبحت مؤسسة دائمة ووراثية وجرى اعتبارها على انها جزء من الحياة المتحضرة . ثم انشأ الملوك جيوشا نظامية اكثر فاعلية وازداد دورهم في الحياة المدنية بحيث طغى على دور المعابد وعلى سلطة النبلاء والوجهاء . ومع اقتراب الألف الثالث قبل الميلاد من نهايته ، كان الملك قد اصبح السيد المطلق والوحيد .

 بيد ان هذه السلطة لم تصل حد الاستبداد المطلق ، وغالبا ما كان الملوك يتقيدون بفكرة انهم

ليسوا إلا ممثلين للالهة او نوابها على الارض ( خلافا للأكادييين الذي جعلوا من الملك الها ) . وهم مسؤولون عن حياة الشعب وازدهاره ، وهذا ما كان يشير له الشعراء والمغنون إذ يذكرون الملوك بأن الآلهة تخلت لهم عن جزء من سلطتها ونورها ليؤمنوا للشعب الغذاء والشراب ويجنبوه البؤس ويوفروا له السلام والعدل والسعادة .

من اولى واجبات الملك المقدسة اذن ، ان يدافع عن ارضه وشعبه ضد الاعداء ، وان يوسع قدر المستطاع اراضيه وسلطته وتأثيره . بمعنى آخر ان يقوم بالحرب وكل ما تفرضه من تجنيد وتنظيم ، ودراسة طرق القتال وحساب الاستراتيجية العسكرية ، وكذلك اللجوء للدبلوماسية . ولتأمين الرفاهية كان عليه ان يشيد ويصون ويكيف ويوسع نظام اقنية الري . وعليه المحافظة على النظام وتطويره وعلى العدالة ، والعمل على ألا يجري اضطهاد الضعفاء والبؤساء او معاملتهم معاملة سيئة من قبل الاغنياء والاقوياء ، وان لا يتعرض الأرامل والايتام للظلم ، وان لا يعاني المواطنون العاديون من تجاوزات الموظفين المتغطرسين او الفاسدين ولهذا كان عليهم سن القوانين والقواعد التي تحدد الحقوق الشرعية للافراد .

على ان هذا العدل كان يقوم ضمن احترام الحدود الاجتماعية التي يحددها انتماء المواطن لهذه الفئة او تلك من المجتمع . فالسياسة كانت من اختصاص المواطنين الاحرار الذين يشكلون اغلبية سكان البلاد ، وهم بمعظمهم من العاملين في ميادين الانتاج الزراعي والحرفي والتجارة . إلا ان القسم الضئيل منهم الذي يعمل في سلك ادارة المعابد أو في الجهاز الاداري الملكي كان يحتل مكانا هاما في الحياة الاقتصادية والاجتماعية وبالتالي فإنه يتمتع بنفوذ اكبر من غيره من المواطنين الاحرار . أما العبيد ، وهم اما اسرى حرب سومريون او اجانب ، او مواطنون احرار فقدوا حريتهم ، فإنهم لا يملكون إلا حقوقا محدودة


تعليقات